الكبير" الذي لم يبن شيئا. (١٣٥) وخشى من أن دينه الجديد - وهو دين "الله والتسامح" لن يتأتى إلا إذا قبل الحطام نصيحة القديس بطرس "أعملوا من أجل السلام الدائم" أي أنه لن يأتي أبداً. أنه أرتاب طويلا في وهن الفلسفة وانعدام الفتنة والجاذبية في العقل. إن أي فيلسوف لم يؤثر في عادات الناس حتى في الشارع الذي يقطنه، وأسلم الجماهير للخرافة أو الأساطير. وراوده الأمل في أن يحظى بنحو أربعين حكيما في فرنسا وبالفئات المتعلمة في الطبقة الوسطى، ولكن هذا الأمل نفسه بدأ يزوى ويذبل حين آدنت شمس حياته بمغيب. وكل الحلم الذي كان يراوده وهو يستعد في سن الرابعة والثمانين ليرى باريس قبل أن يموت، هو حلم "تنوير الشباب شيئاً فشيئاً". فربما يعود إليه في غمرة الترحيب الشديد به هناك، إيمانه بالإنسان وأمله فيه.
وهل كان فولتير فيلسوفاً؟ نعم. أنه كان كذلك على الرغم من أنه لم يصطنع مذهباً. وأنه تردد وتذبذب في كل شيء وغالباً مابقى فوق سطح الأشياء ولم يتعمق فيها. ولم يكن فيلسوفاً إذا كانت هذه الكلمة تعتى صانع مذهب قائم على فكر موحد متماسك عن العالم والإنسان، إنه انصرف عن المذاهب بأعتبارها هجمات وقحة على "المطلق غير المحدود" ولكنه كان فيلسوفاً إذا كان المقصود بالفلسفة انشغال الذهن بشكل جدي بالمشاكل الأساسية للطبيعة والاخلاق والحكومة والحياة والقضاء والقدر. ولم يعتبر فولتير عميقاً، وربما كان السبب في هذا أنه كان غير متأكد، وكان واضحاً وقل أن كانت أفكاره أصيلة. ولكن كل الأفكار الأصيلة تقريباً في الفلسفة سخيفة. وأنعدام الأصالة علامة الحكمة. يقيناً كان الشكل الذي صاغ فيه أفكاره أصيلاً. وفولتير بلانزاع ألمع كاتب ظهر، وهل كان الرجل الثاني، لا الرائد الأول، في كل مجال كما اتهمه ديدرو؟ كان الثاني في الفلسفة بعد ديدرو، نعم، وفي المسرحية بعد كورني وراسين ولكنه كان الأول والأفضل في زمانه في فهمه وكتابته للتاريخ وفي رقة شعره، وفي