الجحيم لم يلفظ قط مثل هذا الطاعون الفتاك: … إن الشهوانية تعرض هنا بكل وقاحة أبشع الصور بذاءة ودعارة. إن الفحش والبذاءة تستعيران لغة السوقة … إنه أحط الهزل الماجن يلطف الكفر والبعد عن التقوى … إن الرائحة المنبعثة من هذه الأشعار كفيلة بإفساد ونقل العدوى إلى كل عصر وكل حالة في المجتمع (١٨).
ولم يسارع فولتير إلى الرد، إنه ما زال يحتفظ بذكريات طيبة لمعلميه اليسوعيين، ولا يزال على جدران مكتبه في فرني صورة الرجل الطيب العطوف المتدين آلاب بوري Poree (١٩) . ولكن عندما أوقفت الحكومة الفرنسية صدور الموسوعة استجاب لتحريض دالمبير وأنبرى لقتال برتييه. فأتهمه بمناهضة الموسوعة لأنها نافست قاموس تريفو الذي زعم أنه إنتاج يسوعي (كان كذلك بشكل جزئي وبصفة غير رسمية). ودعا مجتمع يسوع إلى فصل محرر تريفو. أي عمل هذا الذي يشتغل به كاهن … أنه يبيع في كل شهر من مخزن للكتب مقتطفات من آراء طائشة مفتراة. (٢٠) فرد برتييه (يوليو ١٧٥٩) بأن محرري صحيفة تريفو لا علاقة لهم بمحرري قاموس تريفو وأعترف بأن كونه محرراً ليس عملاً جميلاً ولا مناسباً. ولكنه تمسك بحق الكاهن في استخدام صحيفة دورية للإشادة بالكتب القيمة واستهجان المؤلفات الغثة. وأسف لأن فولتير أنزلق إلى المسائل الشخصية والاتهام بالفساد والرشوة وختم كلامه بالأمل في أن يعود هذا الرجل ذو المواهب العظيمة فيما تبقى له من عمر تفضلت به عليه العناية الإلهية، يعود إلى الديانة المقدسة لا الدين الطبيعي، بل إلى المسيحية الكاثوليكية التي ولد فيها (٢١). وفي نوفمبر أصدر فولتير (وكان لا شك يتذكر الدفن الوهمي لجون بارتريدج تأليف سويفت)، رسالة مهيبة تحت عنوان "العلاقة بين المرض والاعتراف والموت وشبح برتييه اليسوعي" ذاكراً كيف أن المحرر مات في نوبة من التثاؤب فوق صحيفة تريفو. واعتذر عن أسلوبه في الجدل في خطاب إلى مدام بيناي: لابد من تسفيه الرجس والمدافعين عنه (٢٢).