كنفوشيوس لاحتقاره الفلسفة ما وراء الطبيعة، ونبذوا الطريقة التي كان يتبعها في معالجة مشاكل الحياة والعقل، وعابوا عليها أنها طريقة خارجية فجة إلى حد كبير، وأضحت طريقة التأمل الذاتي هي الطريقة المستحبة في دراسة الكون والكشف عن خفاياه، وظهرت لأول مرة نظرية فلسفة المعرفة بين الصينيين، وصار الأباطرة يتخذون الفلسفة البوذية أو الدوَّية وسيلة يتحببون بها إلى الشعب أو يسيطرون بها عليه، ولاح في وقت من الأوقات أن سلطان كنفوشيوس على العقلية الصينية قد انقضى عهده إلى غير رجعة.
لكن جوشي أنجاه من هذا المصير. وكما أن شنكارا قد طعم الفلسفة العقلية التي سادت الهند خلال القرن الثامن عشر الميلادي بما كان للأبانيشاد أحياناً من فراسة وبُعد نظر؛ وكما أن أكويناس Aquinas في أوربا قد مزج في القرن الثالث عشر مبادئ أرسطو والقديس بولس فأخرج منها الفلسفة الكلامية التي كانت لها الغلبة والسيادة خلال العصور الوسطى، كذلك فعل جوشي في الصين في القرن الثاني عشر، إذ أخذ حكِم كنفوشيوس المتفرقة غير متماسكة، وأقام منها طريقة فلسفية بلغت من النظام حدا أرضى ذوق هذا العصر الذي ساد فيه العلماء وبلغت من القوة درجة جعلت أتباع كنفوشيوس يتزعمون الحياة السياسية والعقلية في الصين طوال سبعة قرون.
وكان أهم ما ثار حوله الجدل الفلسفي في ذلك الوقت معنى فقرة في كتاب العلم العظيم يعزوها كل من جوشي ومعارضيه إلى كنفوشيوس، فكان المتجادلون يتساءلون: ما معنى هذا المطلب العجيب القائل بأن نظام الدول يجب أن يقوم على تنظيم أحوال الأسرة، وأن يقوم تنظيم الأسرة على تهذيب الإنسان لنفسه، وأن تهذيب النفس يقف على الإخلاص في