التفكير، وأن الإخلاص في التفكير ينشأ من "انتشار المعرفة إلى أبعد حد" وذلك عن طريق "البحث عن حقائق الأشياء؟ ".
وكان جواب جوشي عن ذلك أن هذه الفقرة تعني بالضبط ما يفهم من ألفاظها؛ تعني أن الفلسفة والأخلاق وسياسة الحكم يجب أن تبدأ كلها بدراسة الحقائق دراسة متواضعة. وكان يقبل بلا معارضة أو مناقشة النزعة الإيجابية التي اتصف بها المعلم الأكبر؛ ومع أنه كان يجهد نفسه في دراسة علم أصول الكائنات الحية دراسة أطول مما كان يرتضيه كنفوشيوس لو أنه كان حيا، فقد أوصله هذا الدرس إلى أن يمتزج الإلحاد بالتقوى مزجاً غريباً لعله كان يعجب حكيم شانتونج. وكان جوشي يعترف بوجود شيء من الاثنينية المتناقضة في الحقائق الواقعية كما كان يعترف بها كتاب التغيرات الذي كانت له على الدوام السيطرة على علم ما وراء الطبيعة عند الصينيين؛ فهو يرى أن اليانج والين- أي الفاعلية والانفعالية، أو الحركة والسكون - يمتزجان في كل مكان امتزاج الذكورة والأنوثة، ويؤثران في العناصر الخمسة الأساسية: الماء والنار والتراب والمعادن والخشب ليوجدا منها ظواهر الخلق؛ وأن اللي والجي- أي القانون والمادة - وكلاهما عنصر خارجي، ويتعاونان معاً للتحكم في جميع الأشياء واكتسابها صورها. ولكن من فوق هذه الصور شئ يجمعها ويؤلف بينهما، وهو التاجي- أي الحقيقة المطلقة أو قانون القوانين غير البشرى، أو بناء العالم. جوشي يقول: إن هذه الحقيقة المطلقة هي التين أو السماء الذي تقول به الكنفوشية الصادقة. وكان يرى أن الله هو عملية عقلية في الكون منزه عن الشخصية أو الصور المحسوسة، وأن "الطبيعة إن هي إلا القانون"(١٨).
ويقول جو أن قانون الكون السالف الذكر هو أيضاً قانون الأخلاق والسياسة. فالأخلاق الفاضلة هي الانسجام مع قوانين الطبيعة، وخير أنواع السياسة هو تطبيق قوانين الأخلاق على أعمال الدولة، والطبيعة في كل معانيها