لا السماء بل الحياة، ولا للطاعة العمياء بل للخدمة الممتازة في مجالات المهن والإدارة وفنون الصناعة، ويجب أن تكون الفرنسية لا اللاتينية لغة التعليم، ويجب أن يخصص للغة اللاتينية وقت أقل وللإنجليزية والألمانية زمن أكبر. ويجب أن يشتمل المنهج على قدر كبير من العلوم. ومن أدنى المراحل حتى الأطفال بين سن الخامسة والعاشرة يمكن استيعاب مبادئ الجغرافيا والفيزياء والتاريخ الطبيعي. كذلك التاريخ ينبغي أن يكون له مكان أكبر في التعليم المدرسي. "ولكن الذي يعوز في العادة من يكتبون التاريخ ومن يقرئون التاريخ على حد سواء هو الذهن الفلسفي"(٧٢). وهنا قلد شالوتيه فولتير إكليل الغار وشهد له بالسبق في هذا المضمار. وفي المراحل المتأخرة يجب أن يكون ثمة تعليم الفن وتربية الذوق. ويجب توفير الوسائل لتعليم الإناث، ولكن ليس من الضروري تعليم الفقراء، فإن لبن الزراع لن يتعلم في المدرسة خيراً مما قد يتعلم في الحقل، وإن تعليمه شيئاً غير هذا سيجعله غير راضٍ عن طبقته.
وصعق هلفشيوس وترجو وكوندورسيه لهذا الرأي الأخير، ولكن فولتير استحسنه وكتب إلى شالوتيه "أشكرك على تحريم التعليم على العمال. وأنا الذي أزرع الأرض احتاج إلى عمال يدويين لا إلى رجال دين حليقي الرؤوس، أرسل إليّ أخوة جهلة حقاً ليقودوا مركباتي أو يهيئوها للاستخدام"(٧٣). وكتب إلى داميلا فيل الذي كان قد اقترح التعليم للجميع "أشك في أن أولئك الذين يكسبون قوتهم باستخدام عضلاتهم يكون لديهم فسحة من الوقت ليتعلموا، وسيموتون جوعاً قبل أن يصبحوا فلاسفة … وليس العامل اليدوي هو الذي يجب أن نعلمه بل البرجوازي ساكن المدينة"(٧٤). وفي مواضع أخرى تنازل فأيد تعليم الجميع التعليم الابتدائي، ولكنه كان يأمل في تقييد التعليم الثانوي إلى حد يسمح بترك فئة كبيرة من العمال اليدويين ليقوموا بالأعمال البدنية في المجتمع (٧٥). إن أول مهمة للتعليم في رأي فولتير هي وضع حد للتعليم الكنسي الذي رأى أنه مسئول عن الخرافات التي امتلأت بها عقول الجماهير وعن تعصب الناس.