للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"سعى الفلاسفة بإحدى اليدين أن يشلوا العرش، وباليد الأخرى أن يقلبوا المذابح (أن يهدموا الكنائس). وكان غرضهم أن يثيروا الرأي العام ضج النظم المدنية والدينية. وهذا الانقلاب على حد قولهم قد بدأ بالفعل. فإن التاريخ والشعر والقصص بل حتى القواميس قد تسربت إليها عدوى التسمم بالتشكك وعدم التصديق. ولا تكاد كتاباتهم تنشر قبل أن تطغى على الأقاليم مثل السيل الجارف، وامتدت العدوى إلى المصانع والأكواخ" (٩٣).

وكأنما كان إيضاحا لهذا التقرير أن يجمع سليفان ماريشال في ١٧٧١ "قاموس الملحدين" الذي توسع فيه بتضمينه ابيلا وبوكاشيو والأسقف بيركلي (٩٤). وفي ١٧٧٥ أعلن رئيس أساقفة تولوز أن "الإلحاد الرهيب البشع أصبح الرأي السائد" (٩٥). وذهبت مدام دي ديفان إلى أن الإيمان بالمعجزات المسيحية أصبح خامداً مثله في ذلك مثل التصديق بالأساطير اليونانية (٩٦)، وبقي الشيطان ضرباً من لغو الكلام، والجحيم أضحوكة (٩٧). وأزعج علم الفلك الجديد رب اللاهوت في الفضاء وكأنما يتراجع عن الفضاء مع ارتياد الكواكب في زماننا هذا. وفي ١٧٥٦ تحدث توكفيل عن ضعف الثقة في الإيمان الديني الذي انتاب الناس في أواخر القرن الثامن عشر (٩٨).

لقد بولغ في كل هذه التصريحات والبيانات، وربما قيلت وباريس والطبقات العليا والمثقفة مائلة في أذهان ناشريها. إن حكم لكي Leeky أكثر تميزاً وتحديداً حيث يقول: إن الكتب والنشرات المعادية للمسيحية عبرت عن الآراء وأثبتت المطالب عند جمهور الطبقات المتعلمة. وتغاضى كل موظفي الإدارة في مصالح الحكومة جميعاً عن انتشارها وتداولها، أو أقل أنهم رحبوا بهذا وذاك (٩٩). وظل عامة الفرنسيين متعلقين بعقيدة العصور الوسطى سلوى وعزاء لحياتهم الكادحة المرهقة، فلم يقبلوا المعجزات القديمة فحسب بل الجديدة كذلك ووجد الباعة المتجولون سوقاً رائجة للتماثيل الصغيرة التي تمثل معجزات العذراء (١٠٠). وكانت التماثيل والمخلفات تحمل في المواكب بغية تفادي الكوارث العامة أو وضع حد لها وزوالها. وازدحمت الكنائس حتى