في باريس أيام الأعياد الكبرى في السنة الدينية، ودوت أجراس الكنائس بالترانيم في المدينة تدعو الناس إليها. وكانت "الأخوات" الدينية تضم أعضاء كثيرين وبخاصة في مدن الأقاليم. وأكد سيرفان لدى لمبير حين كتب إليه من جرينوبل (١٧٦٧): "قد تدهش أيها الأخ لتقدم الفلسفة في هذه المناطق الهمجية غير المتمدينة". وفي ديجون كان هناك ستون مجموعة من الموسوعة، ولكن تلك كانت حالات استثنائية، وبقيت البرجوازية الإقليمية في جملتها مخلصة للكنيسة.
وفي باريس وصلت الحركة الجديدة إلى كل طبقة. وكان العمال يزداد عداؤهم للكنيسة، وكانت المقاهي قد طردت الرب منذ زمن بعيد.
وروى أحد النبلاء كيف أن حلاقه قال له وهو يصفف شعره "أنت ترى يا سيدي أنني شخص مسكين تافه، ولكني مع ذلك لم يعد لي دين مثل أي إنسان آخر"(١٠١). وواصل نساء الطبقة الكادحة عبادتهن القديمة واستخدمن مسابحهن في شغف زائد. أما السيدات العصريات الأنيقات فقد اتبعن أسلوب الفلاسفة على أية حال، واستغنين عن الدين إلى حد كبير، وأرسلت كل منهن تقريباً في طلب القسيس حتى تأكدن من دنو الأجل. وكانت معظم الصالونات الكبرى تتبع الفلاسفة. واحتقرت مدام دي ديفان هؤلاء الرجال، ولكن مدام جيوفرين رحبت بهم في أمسياتها، حتى اكتظت بهم مائدتها. وتكاثروا حول الآنسة لسبيناس وتصدر جريم صالون مدام ابيناي، ووصف هوراس وولبول الجو الفكري للصالونات في ١٧٦٥ فقال:
"هناك إله وهناك ملك يحب القضاء عليهما. والرجال والنساء جادون في تدميرهما. أنهم يظنونني دنساً لأن لدي بقية من إيمان (١٠٢) … والفلاسفة لا يطاقون، وهم سطحيون متغطرسون متعصبون، إنهم لا ينقطعون عن التبشير والدعوة، وهم يجهرون بالإلحاد، وقد لا تصدق مبلغ صراحتهم، فلا تعجب إذن إذا عدت أنا يسوعياً (١٠٣).