للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضاً نقيضاً لكل قواعد الزنا. ذلك أن مدام دفاران حين أدركت أن جارة لها تدعى المدام دمانتون تتطلع إلى أن تكون أو ل من يعلم جان-جاك فنون الغرام، عرضت نفسها عليه خليلة دون أن يكون في هذا الوضع إضرار بخدماتها المماثلة لآنية، إما لأنها أبت أن تسلم بالتفوق لجارتها وإما لأنها أرادت أن تحمس الفتى من ذراعين أقل حناناً من ذراعيها وأنفق جان-جاك ثمانية أيام يدير الأمر في رأسه، فقد كان من أثر طول ألفته بها أن أفكاره كانت بنوية أكثر منها شهوانية. يقول "لقد أحببتها حباً منعني من أن اشتهيها (٣٨) " وكان آنئذ يعني من الأمراض التي قدر لها أن تطارده حتى النهاية، وهي التهاب المثانة وضيق مجرى البول. وأخيراً، وبكل الحياء المنتظر منه، ارتضى العمل باقتراحها. بقول:

"وأخيراً جاء اليوم الذي كنت أخشاه أكثر مما أتوق إليه .... فلقد كان قلبي يحبذ غرامياتي دون أن يشتهي الجائزة. ولكني حصلت عليها رغم ذلك. ورأيتني لأول مرة بين ذراعي امرأة، وامرأة أعبدها. أكنت سعيداً؟ لا لقد ذقت اللذة، ولكني لا أدري أي حزنٍ طاغٍ سمم هذه التعويذة فلقد شعرت كأني أقترف سفاح المحارم. وبينما كنت أضمها بين ذارعي في نشوة الفرح أغرقت صدرها مرتين أو ثلاثاً بدموعي. أما هي فلم تكن بالحزينة ولا بالفرحة، بل كانت هادئة وهي تعانقني وتقبلني ولم تستشعر أي انتشاء، ولا أحست بالندم قط، لأنها لم تكن شهوانية على الإطلاق، ولم تكن تبحث عن اللذة بتاتاً (٣٩).

وقد عزا روسو إلى سم الفلسفة مناورات هذه السيدة وهو يستحضر ذكرى هذا الحدث البارز فيما بعد. قال:

"أكرر أن كل مشاعرها كانت نتيجة خطئها لا نتيجة شهواتها. فلقد كانت كريمة المولد، نقية القلب، نبيلة السلوك، وكانت رغباتها سوية فاضلة، وذوقها رقيقاً مرهفاً. وبدا أنها خلقت لذلك الطهر الرائع-طهر الآداب-الذي أحبته على الدوام ولكنها لم تمارسه قط، لأنها بدلاً من أن تصغي إلى أوامر قلبها اتبعت عقلها الذي ضللها … ومن