جهداً. فأرضاها، وعاد إلى مسكنه "مقتنعاً كل الاقتناع بأنني سأتجرع عواقب هذه الفعلة، فكان أول شيء فعلته أنني استدعيت جراح الملك ألتمس منه الدواء "ولكن الطبيب" أقنعني بأن في خلقتي ما يجعلني لا أقبل العدوى بسهولة"(٥١) وبعد فترة أقام له أصدقاؤه حفلة يثاب فيها بجائزة هي الغانية الجميلة زوليتا فدعته إلى حجرتها وخلعت ثيابها. "وفجأة، بدلاً من أن اضطرم بنار الشهوة أحسست ببرودة قاتلة تسري في عروقي، وباشمئزاز ينفذ إلى أعماقي، فجلست وانخرطت بالبكاء كالأطفال". وقد علل عجزه هذا فيما بعد بأن أحد ثديي المرأة كان مشوهاً. أما زوليتا فقد انقلبت عليه هازئة وقالت له "دع النساء وشأنهن، وانصرف إلى درس الرياضة"(٥٢).
وأوقف المسيو دمونتاجو صرف راتب روسو لأن راتبه هو كان متأخراً. فعادا إلى الشجار، ورفت السكرتير (١٧٤٤) وشكا روسو إلى أصحابه في باريس وأرسل استفسار إلى السفير فأجاب "يجب أن أبلغكم كم كنا مخدوعين في السيد روسو. ذلك أن حدة طبعه ووقاحته الناجمين عن شدة اعتداده بنفسه، وعن جنونه، هما اللذان أفضيا به إلى الحال الذي وجدناه عليه. لذلك طردته كما يطرد خادم سيئ"(٥٣) وقفل جان- جاك إلى باريس (١١ أكتوبر) وطرح على الموظفين المختصين في الحكومة وجهة نظره في النزاع فلم ينصفوه. فلجأ إلى مدام دبزنفال، ولكنها رفضت أن تستقبله. فأرسل إليها خطاباً عنيفاً نستطيع أن نحس فيه لفحات الثورة الفرنسية البعيدة:
"كنت مخطئاً يا سيدتي، فقد ظننتك منصفة فإذا بك "نبيلة" فقط، وكان يجب عليّ أن أذكر هذا وأن أدرك أنه لا يليق بي-وأنا رجل غريب أنتمي إلى طبقة العامة-أن أشكر أحد السادة. ولو أن قدري رماني ثانية في قبضة سفير بهذا الخلق لكابدت آلامي دون شكوى. فإذا كان مفتقراً إلى الإحساس بالكرامة، ينقصه سمو النفس، فذلك لأن النبالة في غنى عن هذا كله، وإذا اقترن بكل ما هو حقير دنيء في بلد من أشد بلاد الله