مشروعاته الأدبية … وسرعان ما وثق هذا بيننا صلة دامت خمسة عشر عاماً، وأغلب طني أنها كانت ستدوم إلى اليوم لولا أننا لسوء الحظ … أبناء حرفة واحدة" (٤٨).
وكان يصاحب ديدرو إلى المسرح أو يلاعبه الشطرنج، والتقى روسو في تلك اللعبة بفيليدرو وغيره من مهرة لاعبيها، و"لم يكن عندي شك في أنني في النهاية سأتفوق عليهم جميعاً". (٤٩) ووجد سبيله إلى بيت مدام دوبان وصالونها، وكانت ابنة المصرفي صموئيل برنار، وعقد صداقة مع ابن زوجها كلود دوبان دفرانكوي وخلال ذلك أوشكت نقوده على النضوب.
وبدأ يبحث من حوله عن عمل يستكمل به جهود أصدقائه في إطعامه. فعرضت عليه بنفوذ مدام بزنفال وظيفة سكرتير للسفارة الفرنسية في البندقية. وبعد أن قطع رحلة طويلة محفوفة بالخطر بسبب الحرب، وصل إليها في ربيع ١٧٤٣ وقدم نفسه إلى السفير الكونت دمونتاجو. ويؤكد لنا روسو أن هذا الكونت كان أمياً تقريباً، وكان على السكرتير أن يفك شفرة الوثائق وأن يحررها، وكان يقدم رسائل الحكومة الفرنسية إلى مجلس شيوخ البندقية بشخصه لأنه لم ينسَ الإيطالية التي كان قد تعلمها في تورين وكان فخوراً بمنصبه الجديد، وشكا من أن مركباً تجارياً زاره لم يطلق المدافع تحية له مع أن هذه "التحية نالها من هم أقل شأناً". (٥٠) وتشاجر الرئيس والمرءوس على أيهما يظفر بالرسوم التي تدفع نظير استخراج السكرتير لجوازات السفر إلى فرنسا. وقد صلحت حال روسو بفضل نصيبه من هذه الرسوم، فتناول الطعام الطيب على غير العادة، واختلف إلى المسرح والأوبرا، ووقع في غرام الموسيقى الإيطالية والفتيات الإيطاليات.
وذات يوم زار مومساً تسمى لابدوانا "لكيلا أبدو شديد البلاهة أمام رفاقي" وطلب إليها أن تغني فغنت، فنقدها دوكاتيه وهم بالانصراف، ولكنه رفضت أن تأخذ قطعة النقود دون أن تكون قد بذلت في نيلها