أما صناعة اليشب فهي قديمة قدم التاريخ الصيني نفسه، وشاهد ذلك أن آثارها وجدت في أقدم القبور. وتعزو أقدم السجلات أول استخدامه"حجر سمع"إلى عام ٢٥٠٠ ق. م. وذلك أن حجر اليشب كان يقطع على صورة سمكة أو نحوها تعلق في إسار؛ فإذا ما أجيد قطع الحجر وتعليقه خرجت منه أنغام موسيقية واضحة جميلة تدوم مدهشاً في طوله. والاسم الإنجليزي لهذا الحجر Jade مشتق من اللفظ الأسباني Ijada (المأخوذة عن اللفظ اللاتيني Ilia) عن طريق اللفظ الفرنسي Jade ومعناه الحقو. ولما فتح الأسبان أمريكا وجد الفاتحون أهل المكسيك الأقدمين يأتون بهذا الحجر مسحوقاً ومعجوناً بالماء ليعالجوا به كثيراً من الأمراض الباطنية، فلما عادوا إلى أوربا حملوا معهم هذا العلاج هو والذهب الأمريكي إلى بلادهم. أما الاسم الصيني لهذا الحجر فهو أليق به من الاسم الأوربي وأكثر مطابقة للمعقول. فلفظ جون الذي يطلق عليه معناه لين كالندا (٣٢)، ويتركب حجر اليشب من معدني الجاديث والتفريت، والأول يتكون من سليكات الألومنيوم والصوديوم ويتكون الثاني من الكالسيوم والمغنيزيوم. وكلا المعدنين صلب قاس يحتاج تهشيم البوصة المكعبة منه إلى ضغط خمسين طنا في بعض الأحيان. وتكسر القطع الكبيرة منه عادة بتعريضها إلى الحرارة الشديدة ثم إلى الماء البارد على التعاقب.
وفي وسع الإنسان أن يدرك حذق الفنان الصيني من قدرته على إظهار ألوان براقة خضراء وسمراء وسوداء بيضاء من هذا الحجر العديم اللون بطبيعته، ومن صبره الطويل ومثابرته، حتى يخرج منه أشكالا مختلفة لا عداد لها، حتى لا يكاد الإنسان يجد بين مجموعات اليشب التي في العالم كله قطعتين متماثلتين، اللهم إلا أزرار الملابس.
وكان أول ما عثر عليه من مصنوعات يشبية في عهد أسرة شانج في صورة ضفدعة تستخدم قرباناً مقدساً (٣٣)، وصنعت منه أدوات غاية في الجمال في أيام