كنفوشيوس (٣٤). وبينما كان الناس في غير الصين يتخذون من اليشب فؤوساً، ومدى وأواني، فإن الصينيين كانوا يعظمون الحجر تعظيماً حملهم على ألاّ يستخدموه إلا في التحف الفنية الجميلة، إذا استثنينا بعض القطع النادرة القليلة العدد. وكان عندهم أثمن من الفضة والذهب والحلي على اختلاف أنواعها (٣٥). وكانوا يقدرون بعض مصنوعات اليشب الصغيرة كخواتم الإبهام التي يتحلى بها كبار الحكام الصينيين بما يقرب من خمسة آلاف ريال، ويقدرون بعض القلائد اليشيبية بمائة آلاف ريال. وكان المعنيون بجمع القطع النادرة منه يقضون السنين الطوال في البحث عن قطعة واحدة، ويقال إن ما يوجد في الصين من التحف اليشبية إذا جمعت في مكان واحد تكونت منها مجموعة لا تماثلها مجموعة من أية تحف صنعت من مادة أخرى في جميع أنحاء العالم (٣٦).
ولا يكاد البرنز يقل قدماً عن اليشب في الفن الصيني، وهو يفوقه مقاماً وتقديراً عند الصينيين. وتروى الأقاصيص الصينية أن الإمبراطور يو، أحد أباطرة الصين الأقدمين وبطل الطوفان الصيني، تلقى المعادن التي بعثت بها إليه الدويلات التسع الخاضعة لحكمه، وهى الخراج المفروض عليها، ثم صبها كلها وصنع منها ثلاث قدور لكل منها تسع أرجل، لها من القوة السحرية وتستطيع به أن تدفع المؤثرات البغيضة، وتجعل ما يوضع فيها من المواد يغلى بغير النار، ويخرج منها كل ما لذ وطاب من طعام وشراب.
ثم أصبحت هذه القدور الرمز المقدس للسلطة الإمبراطورية، وتوارثتها الأسر واحدة بعد واحدة، فكانت كل منها تتلقاها بعناية فائقة من التي قبلها، ولكنها اختفت بطريقة مجهولة غامضة بعد سقوط أسرة جو، وهي حادثة كان لها أسوأ الأثر في منزله شى هوانج - دي. ثم أصبح صب البرونز ونقشه فنا من الفنون الجميلة الصينية، وأخرجت منه البلاد مجموعات تطلب حصر أسمائها وتصنيفها اثنين وأربعين مجلدا (٣٧). وكان يصنع منه أواني للحفلات الدينية التي