وستكون الدراما جزءاً هاماً من تقريرنا لأنها فرعٌ رائع من فروع الأدب الفرنسي وعلى العموم لن نغفل شيئاً جديراً بفضول غيرنا من الشعوب (١٤٦).
وهذه الرسائل الأدبية المشهورة هي الآن سجل رئيسي نفيس لتاريخ فرنسا الفكري في النصف الثاني من القرن الثامن العشر، وقد استطاع جريم أن يكون صريحاً في مقالاته النقدية، لأنها لم تكن معروفة للجمهور الفرنسي أو للمؤلف الذي تتناوله. وكان يتوخى الإنصاف عادة، إلا مع روسو في فترة لاحقة. وقد أصدر الكثير من الأحكام الصائبة، ولكنه أساء الحكم على "كانديد" فزعم أنها لا تثبت-للنقد الجاد، على أن هذا الرأي لم يدفق إليه تحامل على فولتير، فقد وصفه بأنه:"أعظم الرجال في أوربا جاذبية وأكثرهم لطفاً، وأبعدهم صيتاً (١٤٧) ".
ورد فولتير التحية بطريقته الشيطانية فقال:"ما الذي يتراوى لهذا البوهيمي أن يبزنا ذكاء وفطنة؟ " ورسائل جريم هذه هي التي أذاعت في أرجاء أوربا أفكار التنوير الفرنسي أكثر من أي كتابات أخرى باستثناء مؤلفات فولتير. ومع ذلك خامرته الشكوك في جماعة الفلاسفة وفي إيمانهم بالتقدم، فقال:"إنما العالم مركب من: شرور لا يحاول إصلاحها غير إنسان معتوه"(١٤٩) وفي ١٧٥٧ كتب يقول:
"يبدو أن القرن الثامن عشر فاق كل القرون في المدائح التي كالها لنفسه … ولو تمادى في هذا قليلاً لأقنع خيرة المفكرين أنفسهم بأن دولة الفلسفة، الهادئة المسالمة، أوشكت أن تسود بعد عواصف الجنون الطويلة، وأن ترسي إلى الأبد سلام البشر وهدوؤهم وسعادتهم … ولكن الفيلسوف الصادق، لسوء الحظ، لديه أفكار أقل تعزية ولكنها أصح وأدق .... وهيهات أن أصدق أننا مقتربون من عصر العقل، وأكاد أعتقد أن أوربا تتهددها ثورة مدمرة"(١٥٠).
ونلمح هنا أثراً من الكبرياء والغرور اللذين كانا يغيظان أصدقاء جريم أحياناً. فلقد كان هذا المتفرنس، ينفق الساعات في