التزين، وذر المساحيق على وجهه وشعره، والإسراف في التعطر إسرافاً لقب من أجله بدب المسك (١٥١). وهو يبدو في رسائله ينير التحيات بمنة ويسرة بيد تتوقع الرد عليها. وقد اشترط فردريك للاشتراك في الرسائل أن "يعفيني جريم من تحياته"(١٥٢). ومثل هذا التملق كان بالطبع من أسلوب الرسائل في ظل "النظام القديم".
واسترعى جريم انتباه باريس، وهو الوجل البارد المتزن عادة، بإشرافه على الموت هياماً بالآنسة فل، وبدخوله في مبارزة من أجل مدام ديينيه. وكانت هذه الأخيرة-لويز-فلورانس تارديو ديسكلافيل-ابنة بارون من فالنسين مات في خدمة الملك عام ١٧٣٧. وبعد ثمانية أعوام حين بلغت لويز العشرين، تزوجت من دنيس-جوزف لاليف ديينيه وكان ابن جابٍ غني. وذهبا للعيش في قصر ريفي جميل يدعى الشاتو دلاشيفريت، على تسعة أميال من باريس، بقرب غابة مونمورنسي. وفاضت حياتها سعادة، فتساءلت "أيستطيع قلبي أن يتحمل هذه السعادة؟ وكتبت إلى ابنة عم لها تقول" كان يعزف على البيان القيثاري، وأنا جالسة على مسند كرسيه ويسراي على كتفه، ويمناي تقلب الأوراق، فلم يفته قط أن يقبلها في كل مرة تمر أمام شفتيه (١٥٣).
ولم تكن جميلة، بل صغيرة الجسم أنيقة على نحو ساحر، بديعة التكوين Yres Bien Faint ( كما تنبئنا)(١٥٤)؛ وستفتن عيناها السوداوان النجلاوان فولتير بعد حين. ولكن " الإحساس دائماً بنفس الشيء يصبح بعد قليل تماماً كالإحساس بلا شيء"(١٥٥)، فلم يمضِ غير عام حتى كف ديينيه عن ملاحظة هاتين العينين. لقد كان قبل الزواج فاسقاً عربيداً فعاد الآن كما كان، يسرف في الشراب، ويسرف في القمار، وينفق المال الطائل على الأختين فريير، اللتين أسكنهما كوخاً على مقربة من لاشيفريت وولدت له زوجته خلال ذلك طفلين. وفي ١٧٤٨ عاد من رحلة في الإقليم، وضاجع امرأته، فنقل إليها عدوى الزهري. وحصلت على انفصال شرعي عن زوجها بعد أن اعتلت صحتها وتحطمت