حجراته الست، ونظفت الأرض المحيطة به ورتبت. وينقل عنها أنها قالت "يا عزيزي، إليك ملجأك، فأنت الذي اخترته، أن الصداقة تقدمه لك. وأرجو أن يزيل هذا فكرتك القاسي، فكرة الانفصال عني" وكانت تعلم أنه فكر من قبل في أن يقيم في سويسرا، ولعلها لم تعرف ما طرأ من فتور على تحمسه لجنيف. و"فاضت دموعي على اليد الكريمة" يد صديقته، ولكنه تردد في قبول عرضها. فأغرت تريز ومدام لفاسير بقبول خطتها، و"أخيراً تغلبت على جميع قراراتي".
وفي أحد القيامة، ١٧٥٦، ولكي تجمل الهدية بلياقة، جاءت باريس في مركبتها، وأخذت "دبها" كما كانت تدعوه، هو وخليلته وحماته، إلى الأرميتاج. ولم يلذ تريز فراقها لباريس، أما ورسو، فما أن استنشق هواء الخلاء حتى شعر بأنه أسعد منه في أي وقت منذ أيام فردوسه الريفي مع مدام دفاران. "في ٩ إبريل ١٧٥٦ بدأت أحيا"(١٦٢)، ولكن جريم أفسد الفرحة بتحذير لمدام ديينيه:
"إنكِ تضرين روسو ضرراً بليغاً بإعطائه الأرميتاج، ولكنكِ تضرين نفسك ضرراً أبلغ. فستكمل العزلة مهمة تسويد خياله، وسيبدو كل أصدقائه في عينيه ظلمة جاحدين، وأنت أولهم، إن رفضت ولو مرة واحدة أن تمتثلي لأوامره"(١٦٣).
وانطلق بعد ذلك جريم، الذي أصبح الآن سكرتيراً للمرشال دستريه، ليلعب دوره في الحرب التي سترسم خريطة العالم من جديد.