للعناية به في الريف، سألته لويز "ولكن من سيكون فارسي يا سيدي إن هاجمني أحد في غيابك"؟ فأجاب جريم "هو ما كان من قبل-حياتك الماضية (١٥٨) " ولم يكن الجواب قاطعاً مانعاً، ولكنه فاق حدود الثناء.
وكان روسو قد التقى بمداد ديينيه في ١٧٤٨ في بيت مدام دويان. ودعته إلى لاشيفريت. وفي "مذكراتها" وصف له:
"أنه يقدم التحيات والمجاملات، ولكنه ليس مؤدباً، أو على الأقل يعوزه مظهر التأدب. والظاهر أنه جاهل بعادات المجتمع، ولكن من الواضح أنه مفرط الذكاء. وله بشرة سمراء، وعينان بيضاوان تتوهجان وتضفيان الحيوية على قسماته ..... ويقال أنه عليل، ويتجلد لعذاب يحرص على كتمانه .... وهذا في ظني هو الذي يضفي عليه أحياناً .... ، مظهر الاكتئاب (١٥٩) ".
أما الصورة التي رسمها لها فلم تكن شديدة التأنق:
"لم يكن حديثها الخاص ممتعاً، وأن لم يعوزه اللطف في حضرة الجنسين … وأسعدني أن أبدي لها بعض المجاملات، وقبلتها قبلات أخوية صغيرة، ولم تبدو أكثر شهوانية منها هي .... لقد كانت غاية في النحول، والشحوب، ولها صدرٌ كظاهر يدها. وكان هذا العيب وحده كافياً للتخفيف من أحر رغباتي (١٦٠) ".
وظل سبع سنوات يلقى الترحيب في بيت مدام ديينيه. فلما رأت مبلغ ضيقه في باريس فكرت في سبل تقديم المعونة له، ولكنها كانت تعلم أنه سيرفض المال. وبينما كانا ذات يوم يسيران في حديقتها خلف لاشيفريت، أرته كوخاً يسمى "الأرميتاج (الصومعة) " كان من قبل ملكاً لزوجها. وكان مهجوراً متهدماً، ولكن موقعه على حافة غابو مونمورنسي حمل روسو على أن يقول في انفعال:"ياله من مسكن مبهج يا سيدي! كأن هذا الملجأ أعد لي خصيصاً"(١٦١). ولم تجب السيدة، ولكن حين عودا السير إلى الكوخ في سبتمبر ١٧٥٥، أدهش روسو أن يجده قد رمم، وأثثت