"بسالتها وكفايتها" ويمتدح الطريقة التي "فطنت بها هذه الحاكمة الأصغر سناً إلى سر الحكم وعدت الروح المسيطرة على مجلسها … حين بدا أن الأحداث تأتمر بها لتدمرها"(١). وقد جعلت من الصلح هدنة فقط بعد أن هزمت وسلمت سيليزيا ثمناً للسلام. ثم كرست نفسها للنهوض بالحكم: وإصلاح جيوشها المحطمة، واكتساب حلفاء أقوياء. فترددت على المعسكرات التي يتدرب فيها جيشها؛ ولهذا الغرض سافرت إلى براغ في بوهيميا، وإلى أولمتز في مورافيا، وشجعت جنودها بالمكافآت والأوسمة، وأكثر من ذلك بحضرتها، حضرة الملكة والمرأة معاً. ولم يكن هناك داعٍ لأن يقسم قوادها يمين الولاء لها، فالولاء في دمهم وفروسيتهم؛ وآية ذلك أن أمير ليشتنشتين أنفق ٢٠٠٠. ٠٠٠ ايكو (١. ٥٠٠. ٠٠٠ دولار؟) من ماله الخاص لجند ويجهز لها سلاح المدفعية كاملاً. وأنسأت قرب فيينا كلية حربية لصغار النبلاء، وجلبت لها خيرة معلمي الهندسة، والجغرافيا، والتحصين والتاريخ. يقول فردريك "في عهدها بلغت العسكرية النمساوية درجة من الكمال لم يعرفها أسلافها قط، وقامت امرأة بتنفيذ خطط جديرة برجل عظيم". (٢)
وكانت الدبلوماسية هي الوجه الآخر لخطتها. فأرسلت مبعوثيها إلى كل بلد لتكتسب أصدقاء للنمسا وتثير العداء لفردريك. ولاحظت قوة روسيا الصاعدة، بعد أن نظمها بطرس الأكبر وأطلعت بشؤونها الآن القيصرة اليزافيتا بتروفنا؛ فعملت على أن تصل تعليقات فردريك الساخرة على غراميات القيصرة إلى أذنيها. وكانت ماريا تريزا تتمنى لو جددت تحالفها مع إنجلترا، ولكن ذلك التحالف كدره الصلح المنفصل الذي أبرمته إنجلترا مع بروسيا (١٧٤٥) والذي أكره النمسا على التخلي عن سيليزيا. وكانت سياسة إنجلترا الخارجية تتجه الآن إلى حماية تجارتها في البحر البلطي من سطوة روسيا، وإحكام قبضتها على هانوفر لتقيها أي خطر يتهددها من بروسيا أو فرنسا. وقد اعتمدت على روسيا في تزويدها بما يلزم بحريتها من أخشاب، واعتمدت على بحريتها في إحراز النصر في الحرب. ومن ثم وقعت إنجلترا في ٣٠ سبتمبر ١٧٥٥ معاهدة تعهدت فيها روسيا،