تعدد الهزائم. فإلى من تتجه فرنسا الآن حليفاً لها؟ إلى روسيا؟ ولكن إنجلترا سبقتها. إلى النمسا؟ -ولكن في الحرب الأخيرة خرقت فرنسا تعهداتها بضمان ميراث ماريا تريزا، وانضمت إلى بروسيا لمهاجمتها، وواصلت الهجوم عليها حتى بعد أن عقد فردريك الصلح معها. لقد كانت النمسا تحت حكم الهابسبورج، وفرنسا تحت حكم البوربون، عدوين قروناً عدة، فكيف يمكن أن تصبحا صديقين هما وشعباهما بعد طول ما ألفا من كراهية متبادلة؟
ومع ذلك كان هذا بالضبط "قلب الأحلاف" الذي اقترحته حكومة النمسا الآن على فرنسا. وقد ولدت هذه الخطة أول ما ولدت-على قدر ما تستطيع الآن تتبع تاريخها-في ذهن الكونت فنتزل أنطون فون كاونتز، أقدر من أنجبته القارة الأوربية في القرن الثامن عشر من الدبلوماسيين وأثقبهم بصيرة وأشدهم إصراراً. وقد قدر لحرب السنين السبع أن تكون صراعاً في السلاح بين فردريك الأكبر والمارشال داون، وصراعاً في الذكاء بين كاونتز وبت. يقول فردريك "إن للأمير كاونتز أحكم رأس في أوربا (٥) ".
كانت أسرة كاونتز قد طلبت إليه أن يعد نفسه للقسوسية لأنه الابن الثاني، أما هو فأصبح في دخيلة نفسه تلميذاً لفولتير (٦). ولما كان أبوه سفيراً لدى الفاتيكان وحاكماً لمورافيا، فقد ورث ابنه الدبلوماسية في دمه. وهكذا أصبح وهو في الحادية والثلاثين مبعوث النمسا في تورين. وكانت أول رسالة منه إلى حكومته مبنية منطقياً على ملاحظة للحقائق السياسية بلغت من الدقة مبلغاً حمل الكونت فون أولفلد على أن يقول لماريا تريزا وهو يعرفها:"هاكِ وزيركِ الأول (٧) ". وفي عامه السابع والثلاثين كان المفوض النمساوي في مؤتمر أكس لاشابل. وهناك دافع عن مصالح ماريا تريزا بإصرار وبراعة جعلا الإمبراطورة حتى في هزيمتها تشكر له خدماته وإخلاصه. ولما فاتحها في تاريخ مبكر (١٧٤٩) بخطة التحالف مع فرنسا، تقبلت بذهن مفتوح فكرة معانقة العدو التقليدي لبيتها. لقد كانت