وأقبل الفرنسيون بعد الأوان، فمزقتهم المدفعية البروسية أشد تمزق، وما مضت تسعون دقيقة حتى انتهت معركة روسباخ الفاصلة (٥ نوفمبر ١٧٥٧). وتقهقر الحلفاء في فوضى تاركين ٧. ٧٠٠ قتيل في ساحة القتال، أما البروسيون فلم يفقدوا غير ٥٥٠ رجلاً، وأمر فردريك بالرفق بالأسرى: ودعا الضباط المأسورين إلى مائدته: وفي كياسة وظرف فرنسيين اعتذر عن قلة الطعام قائلاً
Maia, Messieurs, Je ne Vous Attendais Pas Si Tot, en si Grdand Nombre.
" ولكني أيها السادة لم أتوقع مجيئكم بهذه السرعة، وبهذه الكثرة"(٣٤).
وتعجب العسكريون من جميع الأطراف من ذلك البون الشاسع في الخسائر، ومن براعة القيادة التي أتاحت هذه النتيجة: وحتى فرنسا اعترفت بإعجابها، ولم يستطيع الشعب الفرنسي الذي كان حليفاً لبروسيا حتى الأمس القريب أن ينظر بعد إلى فردريك نظرته إلى عدو لهم: ألم يكن يجيد الحديث والكتابة الفرنسية؟ دهشت جماعة الفلاسفة لانتصاراته وأشادوا به مكافحاً عن حرية الفكر أمام الظلامية الدينية التي يحاربونها في وطنهم (٣٥) واستجاب فردريك لعواطف الفرنسيين النبيلة فقال: (لم أعتبر الفرنسيين)(٣٦) ولكنه كتب سراً-بالفرنسية-قصيدة أعرب فيها عن اغتباطه بأن ركل الفرنسيون في (إستهم) وهي كلمة ترفق كارليل فترجمها (معقدة الشرف)(٣٧).
واغتبطت إنجلترا معه. وجددت إيمانها بحليفها. واحتفلت لندن بعيد ميلاده بالصواريخ في شوارعها، وأشاد المثوديون الأتقياء بهذا الزنديق منقذاً للمذهب الحق الوحيد. وكان بت قد أعيد ليرأس الحكومة (٢٩ يوليو ١٧٥٧)، فغدا منذ الآن النصير الثابت الوفي للملك البروسي. وقال فردريك (لقد أنفقت إنجلترا وقتاً طويلاً لتجنب رجلاً عظيماً كفئاً لهذا الصراع، ولكن هاهو قد جاء في النهاية (٣٨))، وندد بت باتفاقية كلوستر-تسيفين لأنها ليست إلا جبناً وخيانة-وذلك رغم