أنكم بروسيون-أنكم ستتصرفون تصرفاً غير نبيل، ولكن إذا كان بينكم رجل يخاف أن يشاطرني جميع المخاطر (وهنا تفرس فردريك في كل وجه بدوره) ففي استطاعته أن يسرح هذا المساء، دون أدنى لوم مني ....
كنت عليماً بأن أحدا منكم لن يتركني. وعليه فأنا معتمد كل الاعتماد على معونتكم الصادقة، وعلى النصر الأكيد. فإن مت قبل أن أجزيكم على إخلاصكم فلا بد أن الوطن فاعل. عودوا الآن إلى معسكركم وانقلوا إلى جنودكم ما سمعتموه مني.
وسأجرد فرقة الفرسان التي لا تلقي بنفسها فور سماع الأوامر على العدو بمجرد انتهاء المعركة، وأحيلها إلى فرقة حامية. أما كتيبة المشاة، حتى أن بدأت تتردد، أياً كان الخطر الذي تواجهه، فإنها ستفقد رايتها، وسيوفها، والنوط الذهبي من ستراتها.
"الآن طابت ليلتكم أيها السادة. عما قليل سنكون قد هزمنا العدو، وإلا فلن يرى بعضنا البعض بعد اليوم"(٤٠).
وكان النمساويون إلى الآن يتحاشون الالتحام في معركة مع فردريك متبعين بذلك سياسة فابيوس الروماني، وترددوا في وضع جنودهم وقوادهم أمام انضباط الجيش البروسي وعبقرية فردريك التكتيكية، أما الآن بعد أن شجعهم كثرة جيوشهم وانتصاراتهم الأخيرة، فقد قرروا مواجهة الملك في المعركة مخالفين في ذلك نصيحة المرشال داون. وعليه ففي ٥ ديسمبر ١٧٥٧ زحفت هذه البيادق في لعبة المنافسة بين الأسر المالكة-٤٣. ٠٠٠ مقابل ٧٣. ٠٠٠ - على سيوف بعضهم بعض ومدافعهم في أعظم معارك هذه الحرب. يقول نابليون:"كانت تلك المعركة آية من الآيات وهي وحدها تبوئ فردريك مكاناً في الطليعة بين القواد"(٤١) وقد استهلها بمحاولة الوصول إلى التلال تمكيناً لمدفعيته من إطلاق نيرانها فوق رؤوس مشاته لتصيب صفوف العدو. ووزع جنوده بنظام منحرف استعمله قديماً أبامينونداس الطيبي، بحيث تتحرك طوابير منفصلة بزاوية ٤٥ درجة تقريباً