تلك الجيوش العملاقة أسواقاً رائعة للاستهلاك الجماعي للسلع المنتجة بمقادير كبيرة، فأي زبون أفضل من ذاك الذي يعد بتدمير السلع المشتراة من أقرب فرصة وطلب غيرها؟ وأما من الناحية الخلقية فأن الحرب أعانت على التشاؤم، والكلبية؛ والفوضى الخلقية، فالحياة رخصت، والموت قريب، والعذاب هو القاعدة، والنهب مباح، واللذة تقتنص حيثما وجدت ولو لحظة. قال جريم في وسفاليا عام ١٧٥٧ "لولا هذه الحملة لما أدركت قط إلى أي مدى بعيد يمكن أن تبلغ أهوال الفقر وظلم الإنسان"، (٧٢) ولم تكن الحرب إلا في بدايتها. وقد أعان العذاب الدين كما عوقه. فإذا كانت قلة من الناس تحولت إلى الكفر لواقعية الشر الصارخة، فأن الكثرة دفعت إلى التقوى لحاجتها إلى الإيمان بانتصار الخير في النهاية. وعما قليل ستكون عودة إلى الدين في فرنسا، وإنجلترا، وألمانيا وقد أنقذت البروتستانتية في إنجلترا من الدمار، ولو أن فردريك خسر الحرب لحل ببروسيا في أغلب الظن ما حل ببوهيميا بعد عام ١٦٢٠، فأكرهت على العودة إلى الذهب والقوة الكاثوليكيين؛ أن انتصار الخيال على الواقع ثروة من نزوات التاريخ.