للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفن البوذيين، وقد استوطن هذا الفن البوذي في أول الأمر التركستان، وأقام فيها صرح الحضارة كشف اشتين Stein وبليوت Pelliot في أنقاضها عن أطنان كثيرة من التماثيل المحطمة يضارع بعضها أكثر ما أخرجه الفن الهندي البوذي. واستعار الصينيون هذه الأشكال البوذية من غير تغيير كبير فيها، وأخرجوا على غرارها تماثيل لبوذا تضارع في جمالها ما صنع في جندارا أو في الهند. وأقدم هذه التماثيل ما وضع في معابد يون كان الكهفية في شانسي (حوالي ٤٩٠ م)، ومن أحسنها تماثيل مغارات لونج من هونان، فقد أقيمت في خارج هذه المغارات عدة تماثيل ضخمة أعجبها كلها تمثال بوذستوا الجميل، وأروعها بوذا "فيروشانا" (حوالي ٦٧٢ م) الذي تحطم جزء منه عند قاعدته، ولكنه لا يزال محتفظا بروعته الموحية الملهمة (٤٦). وإلى شرق هذا الإقليم في شانتونج وجد كثير من معابد الكهوف نقشت على جدرانها أساطير على الطريقة الهندية يظهر في أماكن متفرقة منها تمثال قوي لبوذيستوا شبيه بالتمثال الذي في الكهف بون ِمن، (ويرجع تاريخه إلى حوالي عام ٦٠٠ م) (٤٧). واحتفظت أسرة تانج بالتقاليد البوذية في النحت، وقد بلغ درجة الكمال في التمثال بوذا الجالس (حوالي ٦٣٩ م) الذي عثر عليه في ولاية شنسي Shensi (١) . وأخرجت الأسر التي جاءت من بعدها تماثيل ضخمة من الصلصال تمثل أتباعا لبوذا الظريف لهم وجوه كالحة كوجوه رجال المال (٢)، كما أخرجت عددا من التماثيل الجميلة تمثل كوان - بن إله مهايانا وهو يوشك أن يتحول من إله إلى إله (٤٩).

وفقد فن النحت إلهامه الديني بعد أسرة تانج، واصطبغ بصبغة دنيوية تنحط أحياناً إلى صبغة شهوانية، حتى شكا رجال الأخلاق في ذلك الوقت، كما شكا رجال الأخلاق في إيطاليا في عصر النهضة، من أن الفنانين ينحتون


(١) هي غير ولاية شانسى المعروفة.
(٢) في المتحف الفني بنيويورك نماذج من هذا الطراز.