وكان المثالون الصينيون يفضلون تمثيل الحيوانات على تمثيل الفلاسفة والحكماء أنفسهم.
وأقدم ما نعرفه من التماثيل الصينية التماثيل الإثنى عشر الضخمة المصنوعة من البرنز، والتي أقامها شى هوانج - دي. وقد صهرها فيما بعد أحد الحكام من أسرة هان لا يتخذ منها "فكة"(١) برنزية. وبقي من أيام أسرة هان عدد قليل من التماثيل البرنزية، ولكن كل ما صنع منها في ذلك العهد إلا قلة ضئيلة قضت عليه الحرب أو قضى عليها الإهمال الطويل الأمد. والتماثيل البشرية قليلة أيضا في هذه القلة الباقية، والأثر الهام الوحيد الباقي من أيام أسرة هان نقش بارز من نقوش القبور، عثر عليه في شانتونج. وصور الآدميين القليلة نادرة في هذا النقش أيضاً، وأهم ما يشغل رقعته صور حيوانات بارزة رقيقة. واقترب من هذا النقش إلى صناعة النحت التماثيل الجنازية الصغيرة المتخذة من الصلصال - وأكثرها حيوانات منها قلة تمثل خدماً أو زوجات - وكانت تدفن مع الموتى من الذكور عوضا عن الأزواج والخدم الأحياء. وقد بقيت من هذا العهد تماثيل مستقلة لحيوانات منها تمثال رخامي لنمر كله عضلات يمثل اليقظة أدق تمثيل، وكان يتولى حراسة معبد اسنيانج - فو (٤٢)؛ ومن هذا الدببة المزنجرة التي تشتمل عليها الآن مجموعة جاردنر Gardner في مدينة بوسطن Boston، ومنها الآساد المجنحة المصابة بتضخم الغدة الدرقية والتي وجدت في مقابر نانكنج (٤٣). وكل هذه الحيوانات والخيول المزهوة الممثلة في نقوش القبور البارزة السالفة الذكر تشهد بما كان للفن اليوناني البكتري والفن الآشوري والسكوذى من أثر في الفن الصيني؛ وليس فيها شيء من مميزات الفن الصيني الخالص (٤٤).
وفي هذه الأثناء كانت الصين قد بدأت تتأثر بشيء آخر هو أثر الدين
(١) لم نر في فقه اللغة ما يمنعنا من استعمال هذا اللفظ بمعناه المعروف فالفك والافتكاك هو الفصل والتفكك عدم التماسك. (المترجم)