للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المركيز، الذي كان نسيج وحده، أربعين كتاباً حتى عام وفاته- وذلك رغم المتاعب التي سببها له ابنه الذي زجه في السجن حين أعيته الحيل عسى أن يكون في ذلك سلامة لكليهما. وكان كابنه ذاك عنيفاً فاسقاً، تزوج للمال، واتهم امرأته بالزنا، وتركها تعود إلى أبوها، واتخذ له خليلة. وقد ندد بأوامر الاعتقال الملكية باعتبارها ضرباً من الظلم لا يطاق، وبعد ذلك حمل الوزارة على أن تصدر خمسين أمراً منها لتعينه على تأديب أسرته (٣٨).

وليس من اليسير علينا أن ندرك اليوم ذلك الهيجان الذي أثارته مطبوعات الفيزوقراطيين، والحماسة التي اصطبغت بها حملاتهم. وتطلع تلاميذ كزنيه إليه كأنه سقراط الاقتصاد: وعرضوا عليه كتاباتهم قبل طبعها، وفي كثير من الحالات كان يشارك في كتبهم. وفي ١٧٦٧ أصدر لومرسييه دلا ريفيير، الذي حكم المارتنيك فترة، كتاباً عده آدم سميث أوضح شرح للمذهب وأفضله ترابطاً (٣٩) واسمه "النظام الطبيعي الأساسي للمجتمعات السياسية" يقول فيه أن في العلاقات الاقتصادية قوانين تقابل تلك التي وجدها نيوتن في الكون، والعلل الاقتصادية منشؤها إغفال تلك القوانين أو انتهاكها:

"أتريدون لمجتمع ما أن يبلغ الغاية من الثراء، والسكان، والقوة؟ اتركوا مصالحه إذن للحرية، وليكن هذا قانوناً عاماّ، فبفضل هذه الحرية (التي هي العنصر الأساسي للصناعة) وبفض الرغبة في التمتع-التي تحفزها المنافسة وتتبرها الخبرة والقدرة-تضنون أن يسعى كل إنسان على الدوام لأقصى مصلحة مستطاعة له، ومن ثم يسهم بكل ما في مصلحته للخاصة من قدرة في الخير العام، سواء للحاكم ولك فرد في المجتمع (٤٠).

وقد لخص بيير-صموئيل ديون هذه الدعوة في كتابه "الفيزوقراطية" (١٧٦٨) الذي خلع على المذهب اسمه التاريخي. كذلك نشر ديون النظرية في دوريتين كان نفوذهما محسوساً من السويد إلى توسكانيا. وقد عمل مفتشاً