للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يخل منها تاريخ أمة عظيمة من الأمم القديمة، وتلك هي الأرستقراطية الوراثية وطبقة الكهنة القوية (٥١) والحكومة المركزية الكثيرة المال العظيمة السلطان (٥١). ذلك أن هذه القوى هي التي كانت في الأيام الخالية تبذل المال بسخاء لتشجيع الأعمال الفنية العظيمة، من هياكل وقصور ومسارح ومظلمات ومقابر منحوتة في الصخور. ولقد انفردت الصين من بين الأمم القديمة في أنها لم تبتل بهذه النظم الثلاثة.

غير أن العقيدة البوذية قد استحوذت وقتاً ما على روح الصينيين وعلى ما يكفي من ثروة البلاد لإقامة الهياكل العظيمة التي كشفت بقاياها أخيراً في التركستان (٥٢). ولا تزال بعض الهياكل البوذية المتوسطة العظمة والفخامة باقية في أنحاء كثيرة من بلاد الصين، ولكنها لم تسم إلى ما سمت إليه العمائر الدينية في بلاد الهند. ويصل الإنسان إلى هذه الهياكل بممرات طبيعية جميلة المنظر صاعدة بالتواء فوق منحدرات ذات أبواب منقوشة يسمونها البايلو، ولعلها مأخوذة عن دربزين الأضرحة البوذية الهندية.

وتحرس مداخل هذه الهياكل في بعض الأحيان تماثيل بشعة وضعت لتخيف الشياطين الأجنبية فتبعدها عنها بطريقة ما. ومن أجمل الأضرحة البوذية الصينية كلها هيكل بوذا النائم بالقرب من القصر الصيفي المشيد خارج بيجنج. ويرى فرجسون Fergusson أنه "أجمل ما أخرجه فن العمارة في بلاد الصين" (٥٣).

غير أن أكثر ما يميز الشرق الأقصى في فن العمارة عن سائر الأقطار هو الهياكل (البجودات) التي تشرف على جميع المدن الصينية تقريباً (١). وقد


(١) ولا يزال أصل هذه القصور ومنشأ اسمها الصيني "البجودات" مثاراً للبحث والجدل العنيف. وقد يكون هذا الاسم مشتقاًً من اللفظ الهندي الفارسي بت - كده أي "بيت الأصنام"، وقد يكون شكلها صيني المنشأ كما يظن بعض المؤرخين، أو قد يكون مشتقاًً من السرج الذي كان يشرف على بعض الأضرحة الهندوكية.