وهو الذي حملتها انتقاداته مقترحاته على أن تحدث في التمثيل حدثا، ذلك أنها كانت إلى عام ١٧٤٨ تجري على أسلوب ممثلي التياتل-فرانسيه في الحديث المفتعل العاطفي، والإيماءات الفخمة، والانفعالات المرتعدة، أما مارمونتيل فقد وجد هذا أمراً غير طبيعي يمجه الذوق. وكانت كليرون قد قرأت كثيراً وسط غرامياتها، وأصبحت من أفضل نسا جيلها تعليماً، وأدخلتها شهرتها ورجاحة عقلها حظيرة المجتمع المثقف، وأدركت أن أفرغ الطبول هو أعلاها صوتاً. وفي عام ١٧٥٢ أكرهتها إصابة بالزهري على اعتزال المسرح حيناً. فلما أبلت قبلت عقداً بإحياء خمس وثلاثين حفلة في بوردو. روت أنها في أول ليلة مثلت فيها هناك لعبت دور فيدر بالأسلوب التقليدي. "بكل الضجيج والعجيج والحماقة التي كانت يومها تلقى الاستحسان في باريس" وصفق لها الجمهور استحساناً. ولكن في الليلة التالية لعبت دور أجرين في مسرحية راسين بريتا نيكوس بصوت هادئ وبحركات محسوبة، وكظمت الانفعالات حتى المشهد الأخير. وضج النظارة بالهتاف. فلما عادت إلى باريس كسبت جمهورها القديم لأسلوبها الجديد. وحبذ ديدرو هذا الأسلوب بحرارة. وكانت في ذهنه حين كتب "مفارقة الممثل" ومؤادها أن الممثل القدير هادئ متمالك نفسه في داخله حتى في أكثر لحظات أدواره انفعالاً، ثم تساءل أي تمثيل كان أروع من تمثيل كليرون (٢٩). "وكانت تحب أن تصدم المعجبين بها فتروي لهم أنها تراجع ذهنها في فواتيرها الشهرية وهي تلقي على الجمهور من الأشجان ما يستدر دموعهم (٣٠). ولم يرحب فولتير بالأسلوب الجديد، ولكنه أيدها تأييداً فعالاً كما أيدته هي في إصلاح ملابس المسرح وأثاثه. وكانت جميع الممثلات إلى ذلك الحين يلعبن أدوارهن-من أي أمة أو عصر-مرتديات زي باريس القرن الثامن عشر، في تنورات بأطواق موسعة وشعر مبدر، ولكن كليرون فاجأت جمهورها باتخاذ زي زمان المسرحية لجسمها وشعرها، فلما لعبت دور إيدامي في تمثيلية فولتير "يتيمة الصين" كانت الثياب والأثاث صينية.