إن فولتير، بما في قلبه-قلب الأب المحروم من البنين-من طيبة مستنيرة باع قصائد مارمونتيل وبعث إليه بحصيلة البيع. وفي ١٧٤٧ قبلت تمثيلية مارمونتيل "دنيس الجبار"(دبونيسيوس) -التي أهداها إلى فولتير، وأخرجت على المسرح؛ وحققت نجاحاً لم يحلم به "فقد أصبح مشهور وغنياً في يوم واحد". (٣٥) وسرعان ما أصبح سبعاً صغيراً من سباع الصالونات، فطعم على موائدها، ودفع الثمن ذكاء وظرفاً، ووجد سبيلاً إلى فراش كليرون.
وآتته تمثيليته الثانية "أريستومين" بمزيد من المال، والأصدقاء، والخليلات. وفي ندوات مدام دتنسان التقى بفونتنبل، ومونتسكيو، وهافتيوس، وماريفو، وعلى مائدة البارن دولياخ سمع ديدرو، وروسو، وجريم. وشق طريقه صعداً في المجتمع تحدوه يد النساء المرشدة. وأدخل إلى البلاط بعد أن مدح لويس الخامس عشر بأبيات ذكية. وافتتنت بومبادور بوجهه المليح وشبابه المتفتح، فأقنعت أخاها بأن يستخدمه سكرتيراً، وفي ١٧٥٨ عينته محرراً للجريدة الرسمية "مركير دفرانس" وكتب نصوصاً لرامو، ومقالات للموسوعة. وأعجبت به مدام جوفران إعجاباً حملها على أن تقدم له مسكناً مريحاً في بيتها، حيث عاش عشر سنوات ضيفاً بالأجر.
وقد كتب لصحيفة المركير (١٧٥٣ - ٦٠) سلسلة من "الحكايات الأخلاقية" رفعت تلك الدورية إلى مقام الأب. ومن إحدى هذه الحكايات تكون فكرة عنها كلها. فسليمان الثاني، بعد أن مل المباهج التركية، يطلب ثلاث حسان أوربيات. أما الأولى فتقاوم شهراً، ثم تستسلم أسبوعاً ثم تنحى جانباً. وأما الثانية فتغني غناء رخيماً، ولكن حديثها منوم. وأما الثالثة-روكسالانا-فلا تكتفي بالمقاومة، بل تسب السلطان لأنه داعر مجرم ويصيح السلطان "أنسيت من أنا ومن أنتِ؟ وتجيب روكسالانا "أنت أقوى؛ وأنا جميلة؛، فنحن إذن صنوان". وهي ليست بارعة الجمال، ولكن لها أنفاً أخنس (مرتفع الأريبة)، وهو يغلب السلطان على أمره. فيحاول بكل الحيل أن يكسر مقاومتها ولكنه يخفق. ويهدد بقتلها، فتقترح أن تعفيه