السماء ومذبح السماء. والمذبح مكوّن من سلسلة من الدرج والشرفات الرخامية التي كان لعددها الكبير ونظامها أثر سحري في نفوس الزائرين. والهيكل نفسه بجودة معدلة من ثلاث طبقات قائمة فوق ربوة من الرخام ومشيدة من الآجر والقرميد الخاليين من الرونق. وكان الإمبراطور في الأيام الخالية يأتي إلى هذا المكان في الساعة الثالثة من صباح يوم رأس السنة الصينية للصلاة والدعاء لأسرته بالتوفيق والفلاح ولشعبه بالرخاء، ويقرب القربان للسماء التي يرجو أن تكون في صفه لا في صف أعدائه، ولم تكن السماء ذكراً أو أنثى عند الصينيين بل كانت جماداً. وقد نزلت صاعقة من السماء على هذا المعبد في عام ١٨٨٩ م فأصابته بضرر بليغ (٥٧).
وأجمل من هذه الأضرحة الخالية من الرونق والبهاء، وأكثر منها جاذبية، القصور المزينة الضعيفة البناء التي كانت مساكن للأمراء وكبار الحكام في بيجنج. ومن أجمل هذه المباني البهو الأكبر، وقد شاده عند قبر أباطرة منج عباقرة البنائين الذين جاد بهم عهد الإمبراطور تشنج درو (١٤٠٣ - ٢٥)، كما شادوا عدداً من المساكن الملكية في بقعة عرفت فيما بعد باسم "المدينة المحرمة" أقيمت في الموضع الذي شاهد فيه ماركو بولو قصر كوبلاي خان قبل ذلك العهد بمائتي عام، فدهش منه وأعجب به أيما إعجاب. وتقوم آساد بشعة الخلقة على جانبي الدربزين الرخامي المؤدي إلى الشرفة الرخامية. وقد شيدت في هذا المكان مبان رسمية، بعضها غرف لعروش الأباطرة وأخرى للاستقبال أو للمآدب وغيرها من حاجات الأباطرة.
وانتشرت حولها البيوت الأنيقة التي كانت تسكنها في الأيام الخالية أسر الأباطرة وأبناؤهم وأقاربهم وخدمهم وأتباعهم وخصيانهم وسراريهم. ولا تكاد هذه القصور تختلف بعضها عن بعض. ففيها كلها العمد الرفيعة، والنوافذ المتشابكة الجميلة، والطنف المنحوتة أو المسطورة، والألوان الكثيرة الزاهية