الكثير من العطف مختلطاً بما في الدنيا من عدم مبالاة وانشغال عن الموهبة. وحوالي عام ١٧٥٤ أشترى جماع للفنون يدعى لاليف دجوللي صورة رسمها جروز تسمى "رب الأسرة"(وقد استعمل ديدرو هذا العنوان ذاته لتمثيليته الثانية عام ١٧٥٨) وشجعه على مواصلة التصوير. ورأى الفنان الذي كان يعلم التصوير للأسرة المالكة صورة بريشة جروز، فرشحه للأكاديمية. ولكن كل مرشح كان ينتظر منه أن يقدم خلال ستة أشهر رسماً لمشهد من مشاهد التاريخ. ولم تكن هذه المشاهد التاريخية مما يوافق مزاج جروز فترك حقه في الترشيح يسقط، وقبل ما عرضه الأبيه جوجنو من تمويل رحلته إلى روما (١٧٥٥).
وكان قد بلغ الثلاثين، ولابد أنه أحس قبل ذلك بزمن بسحر الأنثى، أو ليس نصف الفن نتاجاً جانبياً لتلك القوى القاهرة؟ وقد خبرها في روما خبرة أورثته تباريح الجوى. ذلك أنه عهد أليه بتعليم الرسم لليتتيا، ابنة أحد الأدواق، وكانت في ميعة الصبا، فما الذي يستطيعه إلا أن يقع في غرامها؟ وكان مليح الصورة، له شعر مموج ووجه بشوش متورد وكان زميله في الطلب فراجونار يلقبه "الملاك العاشق" أنظر في اللوفر إلى صورته التي رسمها لنفسه في شيخوخته، ثم تخيله وهو في الثلاثين. ولم يكن مناص من أن تلعب ليتتيا حميا الشباب الذي لا يعبأ بالمال، دور هلويز أما هذا الأبيلار، باستثناء الجراحة. ولم يستغل ضعفها، وعرضت عليه الزواج: وكان يهفو إليه، ولكنه أدرك أن زواج فنان فقير بوارثة دوق سيقلب بعد قليل مأساة للفتاة. وإذ كان غير واثق من قدرته على السيطرة على نفسه فقد عقد النية على ألا يراها ثانية. فمرضت، وزارها وسرى عنها، ولكنه عاد إلى تصميمه. ويؤكدون أنه ظل ثلاثة أشهر يلزم فراشه بحمى وهذيان متكرر (٥٦). وفي ١٧٥٦ قفل إلى باريس دون أن يتأثر إطلاقاً بالفن الكلاسيكي أو الإحياء الكلاسيكي الجديد.
يقول "بعد وصولي إلى باريس اتفق أن مررت-ولا أدري أي قدر دفعني إلى هذا-بشارع سان-جاك، حين لحظت الآنسة بابوتي خلف