منضدتها (٥٧)". وكانت جاربييل بابوتي تعمل في مكتبة، وكان ديدرو يشتري كتبها و"يحبها كثرا" (على حد قوله) قبل ذلك بسنوات. وكانت الآن (١٧٥٦ - ٥٧) قد تجاوزت الثلاثين (كما يقول جروز) تخشى أن تظل عانساً: فوجدت جان-بابتست غير ميسور الحال ولكنه حلو. وبعد أن زارها بضع مرات قالت له "يا مسيو جروز، أتتزوجني أن رضيت بك زوجاً؟ " وأجاب كما يجيب أي فرنسي مهذب "يا آنسة، ألا يكون أي رجل غاية في السعادة إذا أنفق حياته مع امرأة ساحرة مثلك؟ " ولم يفكر في الأمر أكثر من هذا. ولكنها تركت الجيران يفهمون أنه خطيبها. ولم يطاوعه قلبه على تكذيبها، فتزوجها وظلا. سبع سنين ينعمان بقسط معقول من السعادة. وكانت ذات جمال مغرٍ، فاستخدمها راضية موديلاً في كثير من الأوضاع التي لم تكشف عن شيء وإن ألمعت لكل شيء. وأنجبت له في تلك السنين ثلاثة أطفال عاش منهم اثنان كانا إلهاماً لفنه.
ويعرفه العامل بصور الأطفال التي رسمها. وعلينا ألا نتوقع هنا روعة لوحة فيلاسكويز "دون بلتازار كارلوس" (٦٨). أو لوحة فانديك "جيمس الثاني صبياً" (٥٩)، لا بل إنا أحياناً قد نصطدم بما في بنات جروز من غلو وتهافت في العاطفة، كما تشهد بذلك "صورة عذراء" المحفوظة ببرلين، ولكن لم نرفض ما في صورة "البراءة" (٦٠) من خصل متموجة، وخدود متوردة، وعيون فيها الحزن والثقة، أو ما في لوحة "الفلاحة الصغيرة" (٦١) من بساطة لم يفسدها التبرج؟ كذلك لا نجد تكلفاً في لوحة "الغلام وكتاب الدرس" (٦٢)، فهي تصور أي غلام مل واجباً يبدو له مقطوع الصلة بالحياة. ومن بين ١٣٣ لوحة بقيت من رسوم جروز، اختص البناي بست وثلاثين. وقد أشترى يوهان جيورج فللي، الحفار الألماني نزيل باريس. ما استطاع شراءه من هذه الصور المثالية للطفولة، ورآها "أثمن من أروع صور هذا العهد (٦٣)" ورد جروز هذه التحية بتصويره السكسوني غير الجذاب مثالاً للفحولة. على أن هؤلاء الفتيات يشوبهن التكلف والصنعة إذ يكبرن في فن جروز. مثال ذلك أن "اللبانة (٦٤)" تبدو في أبهى لباس كأنها تتأهب للذهاب إلى المرقص، وصبية "الجرة المكسورة (٦٥) " لا داعي (إلا داعي