ولد في جراس بإقليم بروفانس (١٧٣٢): فأضفى على فنه أريج وطنه وعبير أزهاره، فضلاً عن عشق التروبادور الرومانسي، وأضاف إلى هذا كله مرح الباريسيين وتشككهم الفلسفي. وجلب إلى باريس في الخامسة عشرة فطلب إلى بوشيه أن يقبله تلميذاً، وقال له بوشيه بكل ما في وسعه من تلطف إنه لا يقبل غير الطلاب المتقدمين. فذهب فراجونار إلى شاردان ليخدمه. وكان في ساعات فراغه ينسخ الروائع الفنية أينما وجدها. وأطلع بوشيه على بعض هذه النسخ فأعجب بها إعجاباً شديداً حمله على قبوله الآن تلميذاً، وجند خياله الفني في عمل تصميمات لقطع النسيج المرسومة، وتقدم الغلام بسرعة حتى حثه بوشيه على دخول المسابقة لنيل جائزة روما. وقدم فراجونار لوحة تاريخية سماها "يربعام يضحي للأصنام (٧٣) ". وكانت إنتاجاً ممتازاً لفتى في العشرين-فيها الأعمدة الرومانية الفخمة، والأرواب المنسابة، ورؤوس الشيوخ الملتحية، أو المعممة، أو الصلعاء، وكان فراجونار قد تعلم في زمن قليل بحث نرى في الوجه العجوز من الملامح أكثر من وجه لم تطبعه بعد الرغبة في الإثارة والاستجابة. ومنحته الأكاديمية الجائزة، فدرس ثلاث سنين في مرسم كارل فانلو، ثم انطلق في نشوة إلى روما (١٧٦٥).
وثبطت همته كثرة الروائع التي وجدها هناك أول الأمر:
"لقد روعتني همة ميكل أنجيلو-فجاشت في صدري عاطفة عجزت عن التعبير عنها، وحين رأيت روائع روفائيل تأثرت إلى حد البكاء ووقع القلم من يدي. وفي النهاية رانت عليّ حالة من التراخي لم أقوَ على قهرها. ثم ركزت على درس المصورين الذين أتاحوا لي الأمل في أنني قد أنافسهم يوماً ما. وهكذا جذب انتباهي باروتشيو، وبييترو داكورتونا، وسليينا، وتييبولو (٧٤) ".
وبدلاً من أن ينسخ صور قدامى الفنانين راح يرسم التصميمات أو التخطيطات للقصور، والقناطر، والكنائس، والمناظر الطبيعية، والكروم، وأي شيء آخر، ولا غرو فقد ملك الآن في استعمال القلم تلك البراعة التي