كتاب قصة الحضارة

فن الحياة - ٥ - حياة الفن - ج: 39 - ص: 191

لصحيفة "الأفان-كورييه" (٢٥ سبتمبر ١٧٦٩)، وأخفق شرحه في إقناع الراسخين في الفن، وحتى ديدرو سلم بعدالة النقد.

وألمع ديدرو إلى أن قصور اللوحة راجع إلى أن فشل المصور في زواجه شوش ذهنه. وأتهم جابرييل بابوتي بأنها تردت إلى درك المرأة المشاكسة المغرورة، فاستنزفت مال زوجها بإسرافها؛ وأرهقته بمضايقاتها؛ وحطمت عزة نفسه بخياناتها المتكررة (٧١). وقدم جروز نفسه لرئيس الشرطة (١١ ديسمبر ١٧٨٥) شهادة خطية يتهم فيه زوجته باستقبال عشاقها بإصرار في بيته ورغم احتجاجاته. وفي خطاب لاحق اتهمها بسرقة مبالغ كبيرة منه، وبمحاولة "تحطيم رأسي بمبولة (٧٢) ". وحصل على انفصال شرعي، وأخذ ابنتيها في حضانته، وترك لها نصف ثروته ومعاشاً سنوياً قدره ١. ٣٥٠ جنيهاً.

وتدهور خلقه إثر هذه اللطمات، فبات يضيق بأي نقد، وفقد كل تواضع في الإشادة بلوحاته. على أن الجمهور وافقه على اعتزازه بنفسه، فأقبل على مرسمه وأثراه بشراء صوره، والنسخ المطبوعة منها. واستثمر هو مكاسبه غي سندات حكومية، ولكن الثورة أطاحت بقيمة هذه السندات، وألقى جروز مملقاً، في حين انهارت سوق صوره الممثلة للسعادة والسلام البيتين نتيجة "لاستغراق فرنسا في العنف الطبقي، والهياج السياسي، ورد فعل الكلاسيكية الجديدة". وأنقذته الحكومة الجديدة إنقاذاً معتدلاً (١٧٩٢) بمعاش قدره ١. ٥٣٧ جنيهاً، ولكن سرعان ما نفذ هذا المعاش فالتمس سلفة، وجاءت امرأة من الرعاع تدعى إنتيجون لتعيش معه وتعنى بصحته المتدهورة. فلما قضى نحبه (١٨٠٥) كان العالم كله تقريباً قد نسيه، ولم يرافق جثمانه إلى القبر سوى فنانين اثنين.

د- فراجونار

تغلب جان-أونوريه فراجونار على محن النجاح خيراً من جروز، لأنه كان يفوقه شهوانية وصنعة. وفنه الأنيق هو التمجيد الأخير للمرأة الفرنسية في القرن الثامن عشر.