نساء نصفاً أو أكبر، إنما هو ذلك المركب من الذكاء، واللباقة، والكياسة، والنفوذ والمال غير المتطفل، الذي مكن للمضيفة أن تجمع نساء ذوات فتنة وسحر، ورجالاً ذوي عقول راجحة يستطيعون أن يجعلون اجتماعاً أو مجلس سمر يتألق ظرفاً أو حكمة دون أن يؤججوه انفعالاً أو تعصباً. ولم يكن الصالون منها مكاناً للمغازلات ولا للمواضيع العشيقة أو التوريات. (٨١) فقد يكن لكل رجل فيه خليلة ولك امرأة عشيق، ولكن هذا كان يستر بأدب في التبادل المتحضر للمجاملات والأفكار. وكانت الصداقات الأفلاطونية تستطيع أن تجد القبول هناك، كما كان الحال مع دودفان وهوراس ولبول، أو مع ليسبينياس ودالامبير. وباقتراب الثورة نزعت الصالونات إلى فقدان تساميها الهادئ وأصبحت مراكز للتمرد.
وذاعت شهرة صالون مدام جوفران لأنها كانت أبرع مروضي السباع بين ربات الصالونات، ولأنها أتاحت للرواد مزيداً من حرية النقاش، ولأنها عرفت كيف تمنع الحرية من تجاوز حدود السلوك المهذب أو الذوق السليم-دون أن تبدو مستبدة. وكانت إحدى النساء القليلات اللاتي برزن من الطبقة الوسطى ليحتفظن بصالون مرموق. وكان أبوها، وصيف الدوفيته ماري-آن، وقد تزوج بابنة مصرفي، وأول من رزقا من أطفال في ١٦٩٩ هي ماري-تريز، التي أصبحت فيما بعد مدام جوفران. ووضعت أمها، وكانت امرأة مثقفة موهوبة في التصوير، الخطط الطموحة لتنشئة ابنتها، ولكنها ماتت عام ١٧٠٠ وهي تلد صبياً. وأرسل الطفلان ليعيشا مع جدتهما في شارع سانت-أونوريه-وبعد نصف قرن عللت مدام جوفران افتقارها إلى التبحر في الثقافة خطاب أجابت به ما طلبته كاترين الثانية في سيرة ذاتية موجزة لها.
"ولم تحظَ جدتي … إلا بنصيب ضئيل من التعليم، ولكن كان لها عقل أوتي من قوة الملاحظة، والذكاء، والسرعة، … ما جعله دائماً بديلاً عن المعرفة. وكانت تتحدث حديثاً لطيفاً جداً عن أمور لا تعرف عنها شيئاً حتى لم تترك زيادة لمستزيد … وبلغ رضاؤها عن