حظها مبلغاً جعلها ترى التعليم نافلة لا تحتاج إليها المرأة". وكانت تقول "لقد وفقتُ توفيقاً لم يجعلني أشعر قط بحاجتي إليه. فإذا كانت حفيدتي حمقاء فستجعلها المعرفة معتدة بذاتها لا يطيقها أحد، وإذا كان له ذكاء وفطنة فسوف تسلك كما سلكت، وسوف تعوض النقص بلياقتها ونفاذ بصيرتها، ومن ثم فإنها في طفولتي لم تعلمني غير القراءة، ولكنها جعلتن أقرأ كثيراً، وعلمتني أن أفكر، وأن أجادل، وعلمتني أن اعرف الرجال وجعلتن أعرب عن رأيي فيه، وأخبرتني كيف تحكم هي عليهم … وما كانت تطيق ضروب التظرف التي يعلمها مدرسو الرقص، وكل ما تمنته لي هو أن تكون لي الرشاقة التي تهيئها الطبيعة للمرأة الحسنة الخلقة (٨٢) ".
وأحست الجدة أن الدين أهم من التعليم، ومن ثم كان الطفلان اليتيمان يؤخذان لحضور القداس كل يوم.
كذلك اهتمت الجدة بزواج ماري، ذلك أن رجل أعمال غنياً يدعى فرانسوا جوفران، في الثامنة والأربعون من عمره، تقدم للزاج من الفتاة ذات الثلاث عشر ربيعاً، ورأت الجدة في ذلك العرض صفقة طيبة، وكان في تربية ماري وتهذيبها المفرط ما منعه من الاعتراض. على أنها أصرت على أن تصحب معها أخاها إلى بيت السيد جوفران المريح، والواقع في شارع سان-أوتوريه أيضاً، والذي قدر لها أن تقوم عليه إلى نهاية عمرها. وفي ١٧١٥ أنجبت ابنه، وفي ١٧١٧ ابناً-مات في العاشرة.
وفي ذلك الشارع العصري ذاته افتتحت مدام دتنسان صالوناً مشهوراً. ودعت إليه مدام جوفران فأعترض زوجها. ذلك أن ماضي مدام دتنسان كان قد أحدث بعض الضجة، وأن ضيوفها الأثيرين كانوا من أحرار الفكر أمثال فونتينيل، ومونتسكيو، وماريفو، وبريفوست، وهلفيتيوس، ومارمونتيل. على أن مدام جوفران ذهبت برغم ذلك، فلقد بهرتها هذه العقول الطليقة من كل قيد. فما كان أثقل أولئك التجار الذين يأتون لزيارة