زوجها الشيخ بالقياس إلى هؤلاء! وكان الآن قد بلغ الخامسة والستين، وهي لم تزل "امرأة الثلاثين" كما يقول بلزاك. وبدأت هي أيضاً تستضيف الزائرين. فاعترض، ولكنها تغلبت عليه، وأخيراً ارتضى أن يترأس على حفلات عشائها؛ صامتاً عادة ومؤدباً دائماً. فلما مات (١٧٤٩) في الرابعة والثمانين، لم يكد ضيوفها يلحظون غيابه. واستفسر أحد رواد الصالون حين عادوا من رحلة عما أصاب السيد العجوز الذي كان يجلس في استحياء شديد على قمة المائدة. وأجابت مدام جوفران برفق "أنه كان زوجي، وقد توفي (٨٣) ".
كذلك طوت مدام دتنسان رحلة الحياة عام ١٧٤٩، مما فزع له ضيوفها المعتادون. ويجب أن نذكر ثاني تلك الملاحظات التي أبداها فونتينيل الذي بلغ يومها الثمانية والتسعين:"امرأة طيبة جداً (مع أنه كانت تركيبة من الآثام الحقيقة). ياله من خطب مقلق؟ فأين أتناول غدائي الآن الثلاثاء؟ " ولكن أساريره انفرجت وقال: "حسناً، في أيام الثلاثاء يجب أن أتناول الغداء في بيت مدام جوفران (٨٤) ". وقد أبهجها أن يحضر، لأنه كان "فيلسوفاً" قبل مونتسيكو وفولتير، يحتفظ بذكريات تمتد إلى مازاران، وقد بقي له من الأجل سبع سنوات؛ وكان في وسعه أن يحتمل المعاكسة دون أن يتأذى منها لأن سمعه ثقيل. وحذا حذوه أكثر مشاهير القوم الذين تألقوا على مائدة دتنسان؛ وسرعان ما جمع غداء أربعاء جوفران، في وقت أو آخر، مونتسيكو، وديدرو، ودولباخ، وجريم، وموريلليه؛ ورينال، وسان-لمبير، والأبيه فرديناندو جالياني؛ النابولي القصير الأريب؛ سكرتير السفير النابولي في باريس.
وعقب موت زوجها، ورغم معارضة ابنتها الساخطة، سمحت مدام جوفران لديدرو، ودالامبير، ومارمونتيل، بأن يقرروا خط النقاش ونبرته في حفلات غدائها أيام الأربعاء. لقد كانت وطنية ومسيحية، ولكنها أعجبت بشجاعة الفلاسفة وحيويتهم. فلما نظمت "الموسوعة" تبرعت بأكثر من ٥٠٠. ٠٠٠ جنيه في نفقاتها وأصبح بيتها يعرف بـ"صالون