غير اسمه تاف. فبعد أن قبل في الصالون كان يختلف إليه كل يوم تقريباً. وسرعان ما تبين للمركيزة أنه لا يأتي لمشاهدتها بل لمشاهدة المدموازيل. وروعها أن ترى أن جولي قبلت تودده بالرضى. فحذرتها من تعريض نفسها للخطر. وأنكرت الفتاة المتكبرة نصيحة الأم. وإذ خافت المركيزة أن تفقدها وحرصت على حمايتها من غرام عات لا يرجى دوامه، أمرت جولي بأن تلزم حجراتها إذا جاء جاف. فأطاعت، ولكن المشاجرة أثارت فيها من الانفعال ما حملها على تعاطي الأفيون لتهدئ أعصابها. وقد شاع استعمال الأفيون في القرن الثامن عشر مهدئاً، ولكن الآنسة ليسبيناس ضاعفت جرعاتها مع كل غرام جديد.
وألفت أن تسلو تاف، ولكن غرامها الجديد دخل التاريخ، لأنه أصاب الرجل الذي اصطفته مدام دو دفان لنفسها في حب أموي ولكنه شديد التملك، وكان هذا الرجل، جان لورون دالامبير، في عام ١٧٥٤ قد بلغ أوج شهرته رياضياً، وفيزيائياً، وفلكيا، وحرراً في تلك "الموسوعة" التي كانت باريس المثقفة بأسرها. وقد قال فولتير عنه، في لحظة تواضع، إنه "أعظم كتاب في القرن"(٩٦) ومع ذلك لم يؤت شيئاً من فرص فولتير. فقد ولد ولادة غير شرعية، وأنكرته أمه مدام دتنسان، ولم يره أباه منذ طفولته. وعاش برجوازياً بسيطاً في بيت الزجاج روسو. وكان وسيماً، حسن الهندام، جم الأدب، مرحاً أحياناً، في وسعه أن يخوض في أي موضوع مع أي متخصص تقريباً، ولكن في وسعه أيضاً أن يخفي علمه وراء واجهة من القصص، والتقليد الساخر، والنكتة الذكية. وفيما عدا ذلك لم يصالح العالم إلا قليلاً. فقد آثرت استقلاله على الملوك والملكات؛ وحين قامت مدام دودفان بحملة لتدخله الأكاديمية الفرنسية أبى أن يضمن الحصول على صوت إينو بتقريض كتابه "مختصر كرونولوجي لتاريخ فرنسا"(١٧٧٤) وكان فيه عرق من الهجاء جعل فكاهته لاذعة أحياناً؛ (٩٧) فقد ينفد صبره، ويبيت أحياناً عنيفاً في ثورته على خصومه (٩٨)، ولم يعرف قط ما الذي يجب أن يقوله أو يفعله حين ينفرد بالنساء، ومع ذلك فإن حياءه اجتذبهن، وكأنما بتحديه لقوة تأثير مفاتنهن.