"كان هنا بالأمس اثنا عشر شخصاً، وأعجبت بمختلف أنواع الحديث التافه ودرجاته. كنا جميعاً مقفلين كباراً، كل في بابه … كنا مملين غاية الإملال. وانصرف الأثنا عشر جميعاً في الساعة الواحدة، ولكن أحداً منهم لم يخلف وراءه أسفاً … أن بون-دفيل صديقي الوحيد، وهو يقتلني ضجراً ثلاثة أرباع الوقت". (١٠٥)
إنها لم تكن للحياة أي حب على الإطلاق من انطفاء نور عينيها، أما الآن، وبعد أن انفض عنها أعز أصدقائها، فقد تردت في حالة من القنوط الساخر الذي لا شفاء منه. فلعنت اليوم الذي ولدت فيه كما فعل أيوب "إن عماي وشيخوختي هما أقل ما رزئت به من أحزان … فليس هناك غير خطب واحد … هو أنني ولدت. "(١٠٦) وسخرت من أحلام الرومانسيين والفلاسفة على السواء-لا من "هلويز، وروسو وقسيسه السافواوي" فحسب، بل من حملة فولتير الطويلة في سبيل "الحقيقة" قالت: "وأنت يا مسيو فولتير"، عاشق الحقيقة المعلن، قل لي بأمانة، هل وجدتها؟ إنك تحارب الأخطاء وتهدمها، ولكن ماذا تحل محلها؟ " (١٠٧) لقد كانت شكاكة، ولكنها آثرت الشكاكين المعتدلين أمثال مونتيني وسانت-إفرمون على الثوار العدوانيين كفولتير وديدرو.
وخالت أنها نفضت يديها من الحياة، ولكن الحياة لم تنفض يديها منها تماماً. فقد بعث صالونها بعثاً متقطعاً خلال وزارة شوازيل، حين تجمع أقطاب الحكم حول المركيزة العجوز، وجاءت صداقة دوقة شوازيل الرقيقة ببعض النور الذي أشرق وسط تلك الأيام الحالكة. وفي ١٧٦٥ بدأ هوراس ولبول يختلف إلى ندواتها، وشعرت نحوه شيئاً فشيئاً بمحبة غدت آخر تشبث مستميت لها بالحياة. ونرجو أن نلقي بها ثانية في ذلك التجسيد الأخير المذهل.
جـ - الآنسة دليسبيناس
اختارت جولي لمسكنها الجديد بيتاً ذا طوابق ثلاث عند ملتقى شارع بلشاش بشارع سان-دومينيك، ولم يكن يبعد غير مائة ياردة من بيت المركيزة الديري