للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهفت نفسها إلى باريس، وكانت رغبة فولتير في الترويح عنها بعض ما دفعه إلى دعوة هذه السلسلة الطويلة من الضيوف واحتمالها. ولم تكن تحب سكرتيره فاجنيير، ولكنها أغرمت بالأب آدم، اليسوعي الشيخ الذي رحب فولتير في بيته غريما لطيفاً في لعبة الشطرنج، والذي فاجأه ذات يوم عند قدمي الخادمة بربارة. (٥) ومرة، ربما بسبب سماح دنيس للإرهاب بالرحيل مصطحباً إحدى مخطوطات السيد، أغضبت فولتير غضباً حمله على ردها إلى باريس بعد أن رتب لها معاشاً سنوياً قدره عشرون ألف فرنك (٦). ولكن بعد ثمانية عشر شهراً، فتوسل إليها أن تعود.

وغدت فرنيه كعبة يحج إليها من يستطيعون الرحلة ويستطيبون التنوير. فأمها صغار الحكام كدوق فورتمبرج وناخب بالاتين، والإقطاعيون كأمير لبن ودوفي ريشليو وفيلار، والأعيان كتشاولز جيمس فوكس، وملتقطو الأخبار كبيرني وبوزويل، والفاسقون مثل كازانوفا، ومئات ممن هم أقل من هؤلاء شأناً. وكان يكذب كذباً مفضوحاً إذا جاءه زوار لم يدعهم، "قولوا له إنني مريض جداً" "قولوا لهم أنني مت"، ولكن أحداً لم يصدق. كتب إلى المركيز ديفليت يقول "اللهم نجني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم. " (٧)

وما أن استقر به المقام في فرنيه حتى ظهر بوزويل (٢٤ ديسمبر ١٧٦٤) وهو ما يزال متأثراً بزياراته لروسو. وبعث فولتير إليه بكلمة يقول إنه ما زال في فراشه ولا يمكن إزعاجه. ولكن هذا لم يجد في ثني الاسكتلندي الملهوف، فأصر على البقاء ولم يبرح مكانه حتى طلع عليه فولتير. وتحادثا ملياً، ثم خلا فولتير إلى المكتبة. وفي الغد كتب بوزويل إلى مدام دنيس من فندق في جنيف يقول:

"يجب أن ألتمس منكِ يا سيدتي أن تعيريني اهتمامك بأن تحصلي لي على صنيع كبير من المسيو دفولتير. أريد أن أنال شرف العودة إلى فرنيه يوم الأربعاء أو الخميس. فأبواب هذه المدينة الوقور تغلق في ساعة … سخيفة جداً، حتى ليضطر المرء إلى الرحيل بعد العشاء قبل أن يتاح لرب البيت الأشهر أن يطلع بمحياه على ضيوفه …