للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساعة متأخرة من الليل، وأحياناً يوقظ الأب دم من فراشه ليعنه على تصيد كلمة يونانية. (٢٦)

وكان يؤمن أن العمل دواء ناجح للفلسفة والانتحار. وأنجع من العمل الخلاء، فهو يزرع حديقته بشخصه، وأحياناً يحرث أو يبذر البذر بيديه. (٢٧) وتبينت مدام دو دفان في رسائله اللذة التي استشعرها في رؤية الكرنب الذي غرسه ينمو. وكان يرجو أن يذكره الخلف على الأقل لآلاف الأشجار التي غرسها. وقد أصلح الأراضي البور وجفف المستنقعات. وأنشأ إسطبلاً لتربية الخيل وجلب إليه عشر مهرات، ورحب بعرض المركيز دفواييه أن يعطيه فحلاً. وكتب يقول "إن حريمي جاهز لا ينقصه غير السلطان … لقد كتب الكثير جداً في السنوات الأخيرة عن السكان حتى إنني أود على الأقل أن أملأ أرضي جكس بالخيل، ما دامت قاصراً عن شرف إكثار نوعي الإنساني" (٢٨). وكتب إلى الفسيولوجي هاللر يقول "أن خير ما يسعدنا عمله على هذه الأرض هو أن نزرعها، وكل ما عدا ذلك من تجارب في الفيزياء بالقياس إليه عبث أطفال. أنعم وأكرم بزراع الأرض، وتباً للإنسان الشقي الذي يكدرها-سواء حمل على رأسه تاجاً، أو خوذة، أو قلنسوة كاهن! " (٢٩).

وحين أعوزته الأرض التي تكفي لتشغيل جميع السكان من حوله، نظم في فرنيه وتورنيه حوانيت لصنع الساعات ونسيج الجوارب-التي ربت لها أشجار توته دودة القز. وكان يشغل كل طالب شغل، حتى أصبح عدد من يعملون له ثمانمائة شخص. وشيد مائة بيت لعماله، وأقرضهم المال بفائدة قدرها ٤%، وساعدهم على إيجاد أسواق لسلعهم. وما لبث أصحاب التيجان أن أقبلوا على شراء ساعات فرنيه، ولبست كرائم السيدات اللائى أغرتهن خطاباته جوارب زعم أنه نسج بعضها بيده. واشترت كاترين الثانية من ساعات فرنيه ما بلغت قيمته ٣٩. ٠٠٠ جنيه، وعرضت أن تساعده على لإيجاد أسواق لها في آسيا. وما مضت ثلاث سنوات حتى كانت الساعات الصغيرة والكبيرة والحلي والمجوهرات المصنوعة في فرنيه تصر في شحنات منتظمة على السفن إلى هولندا، وإيطاليا، وأسبانيا، والبرتغال، ومراكش، والجزائر،