١٧٦٣) "خلاصة لعصر لويس الخامس عشر" وكانت عملية شائكة، لأنه لم يزل من الناحية الرسمية مداناً من الحكومة الفرنسية؛ وعلينا أن نغتفر له مروره الحذر بأخطاء الملك الحاكم؛ ولكنه رغم ذلك كان قصة ممتازة فيها بساطة ووضوح، وكاد وهو يروي قصة الأمير تشارلز إدوارد ستيوات (بوتي يرنس تشارلي) أن ينافس الشخصية التي رسمها للملك "شارل الثاني عشر". ووفاء لمفهومه عن التاريخ، الذي يراه أكمل ما يكون إذا سجل تقدم العقل البشري، أضاف مقالاً ختامياً "في تقدم العقل في عصر لويس الخامس عشر" ولا حظ أشياء بدا له أنها علامات تشير إلى النمو:
"إن إلغاء السلطة الزمنية لرهبنة برمتها (اليسوعيين) وتأديب الرهبنات الأخرى التي أصلحتها هذه السلطة، والفصل بين (اختصاص) القضاة والأساقفة-كل هذا يدل على مبلغ ما بدد من أهواء، وعلى مدى اتساع المعرفة بشؤون الحكم، وعلى درجة استنارة أذهاننا. وقد ألقيت بذار هذه المعرفة في القرن الماضي. وهي تنبت اليوم في كل مكان في القرن الحاضر، حتى في أقصى الأقاليم … فقد أنار العلم البحت الفنون النافعة، وبدأت هذه الفنون فعلاً في إبراء جراح الدولة التي ابتلتها بها حربان طاحنتان. "أن معرفة الطبيعة، ونبذ الخرافات البالية التي قدسها الناس في الماضي كأنها تاريخ، والميتافيزيقيا الصحيحة المبرأة من سخافات المذاهب-تلك هي ثمرات هذا العصر، وقد تحسن العقل الإنساني تحسناً كبيراً.
أما وقد أدى فولتير دينه للتاريخ، فأنه عاد إلى الفلسفة وإلى حملته على الكنيسة الكاثوليكية. وأصدر في تعاقب سريع الكتيبات التي فحصناها من قبل، وكأنها ضرب من المدفعية الخفيفة في الحرب على "العار": "الفيلسوف الجاهل"، "امتحان هام للورد بولنبروك" و"الساذج" و"قصة جيني" و"ألف باء العقل" ووسط هذه الأعمال الشاقة واصل أغرب تبادل للرسائل قام به فرد واحد.
فحين زاره كازانوفا عام ١٧٦٠ أراه فولتير مجموعة من نحو خمسين ألف خطاباً تسلمها حتى ذلك العام، وسيجتمع له منها بعد ذلك نحو هذا العدد، ولما