"أما أنا فسأذهب إلى هناك (الجحيم) وأخبر فرجيل بأن فرنسياً بزه في فنه. وسأقول مثل هذا لسوفوكليس ويوربيديس، وسأحدث ثيوسيديديس عن تواريخك، وكوييتوس كورتيويس عن كتابك "شارل الثاني عشر"؛ وربما رجمني هؤلاء الموتى الفيورون لأن رجلاً واحداً جمع في شخصه شتى فضائلهم"(٥١).
وفي ١٩ سبتمبر ١٧٧٤ واصل فردريك مدائحه:"لن يكون هناك بديل لك بعد موتك، وسيكون نهاية الآداب الجيدة في فرنسا"(٥٢). (وهذه غلطة بالطبع لأنه ليس للأدب الجيد نهاية في فرنسا). وأخيراً، في ٢٤ يوليو ١٧٧٥، أحنى فردريك صولجانه أما قلم فولتير:"وأما أنا فيعزين أنني عشت في عصر فولتير، وحسبي هذا"(٥٣).
وكانت كاترين الكبرى تكتب إلى فولتير كما يكتب رأس متوج إلى آخر-لا بل كما يكتب التلميذ إلى معلمه. فلقد قرأته بشغف ولذة ستة عشر عاماً قبل أن تشق طريقها إلى عرش روسيا، ثم بدأ تراسلهما في أكتوبر ١٧٦٣ بجوابها بضمير المتكلم على رسالة منظومة بعث بها إلى عضو في هيئتها الدبلوماسية. (٥٤) ولقبها فولتير سميراميس، وأغمض في لباقة عن جرائمها، وأصبح المدافع عنها أمام فرنسا. ورجته أن يعفيها من مدائحه، ولكنه أفض فيها. وكانت تقدر انحيازه لها، لأنها علمت أن بفضله-ثم بفضل جريم وديدرو، نالت "مساندة طيبة من الكتاب" في فرنسا. وأصبحت الفلسفة الفرنسية أداة للدبلوماسية الروسية. وأوصى فولتير كاتيرن باستعمال المركبات الحربية المدججة بالمناجل على الطريقة الآشورية في حربها مع الترك، واضطرت إلى أن تبين له أن الأتراك غير المتعاونين لن يهاجموا عدوهم بتشكيلات مكثفة تكثيفاً يتيح حصدهم بشكل مريح. (٥٥) ونسي كراهيته للحرب وسط تحمسه لإمكان قيام جيوش كاترين بتحرير بلاد اليونان من سلطان العثمانيين، وناشد "الفرنسيين، والبريطانيين، والإيطاليين" أن يناصروا هذه الحرب الصليبية الجديدة، وحزن حين قصرت سميراميس عن تحقيق هدفه. ثم اضطلع بيرون بقضيته تلك.