يستعملونها في الخط، وكانوا يقتصرون في كثير من روائعهم الفنية على الفرشاة والحبر (١).
وآخر ما نذكره من أوجه الخلاف أن أعظم ما أخرجوه من الصور الملونة قد أخفى من غير قصد عن أعين الرحالة الغربيين، ذلك أن الصينيين لا يتباهون بعرض صورهم على الجدران العامة والخاصة بل يطوونها ويخبئونها بمنتهى العناية، فإذا أرادوا أن يستمتعوا برؤيتها أخرجوها من مخبئها كما نخرج نحن كتاباً ونقرأه. وكانت هذه الصور المطوية تلف متتابعة في ملفات من الورق أو الحرير ثم (تُقرأ) كما تقرأ المخطوطات. أما الصور الصغيرة فكانت تعلق على الجدران وقلما كانت توضع في إطارات. وكانت عدة صور ترسم أحياناً على شاشة كبيرة، وفي العهد الأخير من عهود أسرة سونج كان فن التصوير قد تفرع إلى ثلاثة عشر فرعاً (٦٣) واتخذ أشكالاً لا حصر لها.
وقد ورد ذكر الفن الصيني بوصفه فناً ثابت الأساس، قبل ميلاد المسيح بعدة قرون، ولا يزال هذا الفن موطد الدعائم في بلاد الصين إلى يومنا هذا رغم ما عاناه بسبب الحروب الكثيرة. وتقول الأقاصيص الصينية إن أول من صور بالألوان في الصين امرأة تسمى لي وهي أخت الإمبراطور الصالح شوين. وقد ساء
(١) يرى الصينيون أن التصوير ضرب من الكتابة، ويعدون الخط فناًً من الفنون الجميلة، وإن كان العالم يرى عكس هذا ويعتقد أن الكتابة كانت في بادئ أمرها نوعاًً من الرسم والتصوير. ومن أجل هذا ترى لوحات من الخط الجميل معلقة في بيوت الصينيين واليابانيين، ومن أجل ذلك أيضاًً يسعى المولعون بالفن وراء الروائع الخطية كما يجوب جامعو التحف الفنية القارات في هذه الأيام للحصول على صورة أو مزهرية. وكان أشهر الخطاطين الصينيين وانج شي - جي (حوالي ٤٠٠ م)، وكانت الحروف الصينية الجميلة التي كتبها بيده هي التي قطعت عليها الأحرف التي اتخذت قوالب للطباعة. ولما أراد الإمبراطور العظيم تاي تزونج أحد أباطرة أسرة تانج أن يحصل من بيان - دزاي على ملف بخط وانج شي - جي لم يجد سبيلاًً إلى الحصول عليه إلا بالسرقة، ويقال إنه لما تم له هذا فقد بيان - دزاي شهوة الطعام ومات غماًً وكمداً.