ذلك أحد الناقدين فقال:"مما يؤسف له أشد الأسف أن يكون هذا الفن القدسي من اختراع امرأة"(٦٤).
ولم يبق شيء من الصور التي رسمت في عهد أسرة جو. لكن الذي لا شك فيه أن الفن في عهد هذه الأسرة كان قد تقادم عهده، ويدلنا على ذلك تقرير كتبه كونفوشيوس يقول فيه إنه: أعجب أشد الإعجاب بالمظلمات التي رآها في الهيكل العظيم المقام في لو - يانج (٦٥).
أما في أيام أسرة هان فحسبنا دليلاً على انتشار التصوير أن كاتباً من الكتاب قد شكا من أن بطلاً يعجب به لم يُرسم له عدد كافٍ من الصور فقال:"إن الفنانين كثيرون فلم إذن لا يصوره أحداً منهم؟ (٦٦) " ومن القصص التي تروى عن واحد من مهرة الفنانين في عهد الإمبراطور لي - يه - إي الأول أنه كان في استطاعته أن يرسم خطاً مستقيماً لا ميل فيه طوله ألف قدم؛ وأن يرسم خريطة مفصلة للصين على السطح لا يزيد على بوصة مربعة، وأن في مقدوره أن يملأ فاه ماء ملوناً ثم يبصقه فيكون صورة، وأن الصور التي كان يرسمها للعنقاء قد بلغت من الإتقان حداً جعل الناس إذا نظروا إليها يتساءلون قائلين لم لا تطير من أمامهم؟ (٦٧). ولدينا ما يشير إلى أن فن التصوير الصيني بلغ إحدى درجاته القصوى من الكمال في بداية التاريخ الميلادي، ولكن الحروب محت كل دليل قاطع على هذا. ولقد تناوبت على الصين غلبة الفن والحرب في نزاعهما الأبدي القديم، منذ العهد الذي نهب فيه لويانج المحاربون من إقليم تشين (حوالي عام ٢٤٩ ق. م) وأخذوا يحرقون كل ما لم يستطيعوا الانتفاع به، إلى أيام ثورة الملاكمين (١٩٠٠ م) حين كان جنود تونج جو يستخدمون الصور المرسومة على الحرير في المجموعة الإمبراطورية لحزم ما يريدون حزمه من الأمتعة. فكانت روائع الفن يحل بها الدمار ولكن الفنانين لم يكونوا يتوانون عن الخلق والابتداع.