إدانة الأبرياء. وقال أن شهادة شخصين فقط، حتى إذا كانا شاهدي عيان، ينبغي ألا تعتبر بعد اليوم كافية لإدانة رجل بالقتل، وساق أمثلة على شهادة الزور، وألح في إلغاء عقوبة الإعدام ولو للحيلولة دون إعدام بريء واحد في كل ألف متهم. وكان في الإمكان إصدار أحكام الإعدام في فرنسا بأغلبية اثنين من القضاة، وقد حكم على كالاس بالموت بأغلبية ثمانية ضد خمسة. وطالب فولتير بأن يشترط لإصدار حكم الإعدام توافر أغلبية ساحقة، ويفضل أن تكون إجماعاً. "يا لها من فظاعة سخيفة أن يعبث بحياة مواطن وموته بلعبة ستة إلى أربعة، وخمسة إلى ثلاثة، أو أربعة إلى اثنين، أو ثلاثة إلى واحد"(٩٢).
وكانت الإصلاحات التي اقترحها فولتير على الجملة توفيقاً بين ميراثه الثقافي الوسيط وكراهيته للكنيسة، وخبرته واستثماراته بوصفه رجل أعمال ومالك أرض، ومشاعره الصادقة شخصاً باراً بالإنسانية، وكانت مطالبه معتدلة، ولكنها كانت في كثير من الحالات ذات أثر فعال. شن حملة لتحقيق حرية النشر، فوسعت هذه الحرية توسيعاً هائلاً-ولو بفضل أعضاء الحكومة فقط-قبل أن يموت. وطلب إنهاء الاضطهاد الديني، فأنهي في فرنسا من الناحية العملية في ١٧٨٧. واقترح الإذن للبروتستانت ببناء الكنائس ونقل الملكية أو وراثتها، والتمتع بكامل حماية القوانين؛ فتم هذا قبل اندلاع الثورة. وطلب إباحة الزواج قانوناً بين أشخاص من ديانات مختلفة فأبيح. وندد ببيع المناصب، وفرض الضرائب على الضروريات، والقيود على التجارة الداخلية، وبقاء القنية والوقف؛ وأشار على الدولة بأن تسترد من الكنيسة تنفيذ الوصايا وتعليم الصغار؛ وفي هذه الأمور جميعاً كان لصوته تأثير على الأحداث. وقاد الحملة لإجلاء المتفرجين عن خشبة مسرح التياتر-فرانسيه، فتم هذا في ١٧٥٩. وأوصى بفرض الضرائب على جميع الطبقات، وبنسبة ثروتهم، وكان على هذه التوصية أن تنتظر حتى تنشب الثورة. وطلب تنقيح القانون الفرنسي، فتم هذا في مجموعة قوانين نابليون (١٨٠٧)؛ وهكذا يسر الفقهاء والفلاسفة لرجل الحرب والسياسة، الذي قرر الهيكل التشريعي لفرنسا حتى يومنا هذا، أن يحقق أعظم مآثره بقاءً على الزمن.