ففكرت في طريقة أخرى، بدت لي في بساطتي جديرة بالإعجاب؛ وهي التخفيف من كراهيتهما المتبادلة بأن أحطم تعصبهما، وأظفر لكل فريق ما للآخر من فضائل وحسنات تستحق تقدير الجميع واحترامهم. وأحرزت الفكرة … النجاح المرتقب، فقد قربت ووحدت الحزبين المتنافسين على هدف واحد هو سحق الكتاب … ولما رضيت .. عن خطتي، عدت إلى الموقعين تفصيلاً … فأسفر هذا عن الجزأين الأول والثاني من "هلويز"(١٩).
وكان يقرأ على تريز ومدام ليفاسير كل مساء صفحات من القصة عند المدفأة. وشجعته الدموع التي كانت تذرفها تريز، فدفع بالمخطوطة إلى مدام ديينيه حين عادت إلى قصرها الريفي، لاشتزيت، على ميل من الإيرميتاج. وفي مذكراتها استعادة للحدث:"حين وصلنا هنا … وجدنا روسو في انتظارنا. وكان هادئاً رائق المزاج للغاية. وأحضر لي رواية (جانباً منها) قد بدأها … وقد قفل إلى الإيرميتاج أمس ليستأنف هذا العمل، الذي يزعم أنه قوام سعادة حياته"(٢٠). وبعد قليل كتبت إلى جريم:
"وبعد العشاء قرأنا مخطوطة روسو. ولست أدري هل أنا متحيزة ضدها، ولكني غير راضية عنها، إنها مكتوبة بأسلوب في غاية الروعة، ولكنها مسرفة في التفصيل، وتبدو غير واقعية ومفتقرة إلى الحرارة. ولا تقول شخوصها كلمة واحدة مما ينبغي أن تقوله، فالمؤلف هو الذي يتكلم دائماَ. ولا أدري كيف أخرج من هذا المأزق، فلست أحب أن أخدع روسو، ولا أستطيع أن أستقر على إدخال الحزن على قلبه"(٢١).
على أن روسو، على نحو ما، بث الحرارة في جولي خلال الشتاء، أكان ذلك لأن قصة حب حية دخلت حياته؟ ذلك في ٣٠ يناير ١٧٥٧ زارته سيدة كان قد لقبها في باريس باعتبارها أخت زوج مدام ديينيه. وكانت هذه السيدة، واسمها اليزابث-صوفي دبيلجارد، قد تزوجت الكونت دودتو، ثم تركته، وأصبحت الآن خليلة عدة سنوات للمركيز دسان-لامبير، الذي كان يوماً ما مزاحماً لفولتير على مدام دناتليه. وكان زوجها وعشيقها كلاهما