وكنت أراها كل يوم تقريباً طوال ثلاثة أشهر. ورأيت شخصية جولي متمثلة في مدام دودتو، ثم لم أعد أرى غير مدام دودتو (في جولي)، ولكن بكل أسباب الكمال التي جملت بها معبودة قلبي" (٢٤).
وأسلم نفسه زمناً لهذا الهذيان المحموم حتى لقد كف عن كتابة قصة، وراح بدلاً من هذا يكتب الخطابات الغرامية التي حرص على أن تعثر عليها في كوي أشجار أوبون. فقال لها أنه يجب، ولم يقل من محبوبته؛ ولكنها بالطبع. فوبخته، وأكدت له أنها ملك سان-لامبير جسداً وروحاً، ولكنها سمحت له بمواصلة زياراته وتودده الحار؛ والمرأة على أي حال تحيا حياة واحدة فقط حين تحب، وحياة مضاعفة حين يحبها اثنان. "لم تنكر على شيئاً يمكن أن تمنحه أرق الصداقات، ولكنها لم تمنحني شيئاً يجعلها خائنة". وهو يروي أنباء ما كانا يخوضان فيه من "أحاديث مستفيضة متكررة … خلال الشهور الأربعة التي أنفاها في صلة حميدة لا تكاد تضارعها صلة بين صديقين من الجنسين يحصران نفسهما داخل الحدود التي لم نتجاوزها قط" (٢٥). وفي روايتها لهذه العلاقة نجد الحركة الرومانسية على أشدها: فلا شيء في قصته يمكن أن يضارع هذه النشوات:
"لقد سكرت كلا بخمر الحب-حبها لحبيبها، وحبي لها،؛ وامتزجت تنهداتها ودموعنا … ولم تنسَ نفسها قط لحظة واحدة في حميا هذا السكر اللذيذ، وأؤكد تأكيداً قاطعاّ إنني أن كنت مرة، وأنا منساق بحواسي، قد حاولت حملها على الخيانة، فإنه لم يكن بي رغبة حقيقية في النجاح .. ذلك أن واجب نكران الذات تسامى بعقلي … لقد كان من الممكن أن أقارف الجريمة، وقد قورفت مائة مرة في قلبي؛ ولكن أن ألوث شرف حبيبتي صوفي! آواه، أممكن هذا؟ كلا! لقد قلت لها مائة مرة إنه محال … فإن حبي لها أعظم ما أن يغريني بتملكها … تلك كانت اللذة الوحيدة لرجل أوتي مزاجاً من أكثر الأمزجة تأججاً، ولكنه ربما كان في الوقت ذاته من أجبن من أنجبتهم الطبيعة من البشر" (٢٦).
ولاحظت مدام ديينيه أن "دبها لم يعد يزورها الآن إلا لماماً، وسرعان