بنسخ الموسيقى، أغتبط بكونه حرفياً كفئاً (٤٣)، وبأنه لم يعد تابعاً لامرأة غنية. وكان يرد هدايا جيرانه اللطفاء حين يرسلونها إليه، فقد أحس أن من الذل أن يأخذ المرء أكثر مما يعطي. وأرسل له الأمير دكنوتي الدجاج مرتين، فأخبر الكونتيسة دبوفليه أنه سيرد الهدية الثالثة إن جاءت.
ونلاحظ عرضاً كثرة الأرستقراطيين الذين ساعدوا ثورا التنوير. لا لموافقتهم على آرائهم بقد تعاطفهم الكريم مع العبقرية المحتاجة. لقد كان في نبلاء النظام القديم الكثير من عناصر النبل، وقد خصت الأرستقراطية روسو بصداقتها رغم تنديده بها. وكان الحرفي المعتز بنفسه ينسى نفسه أحياناً ويفخر بأصدقائه حملة الألقاب، قال في معرض حديثه عن مرجته:
"كانت تلك الشرفة قاعة الجلوس التي استقبلت فيها مسيو ومدام لكسمبورج، والدوق ديفيلروا، وأمير تنجري، ومركيز أمرنتيير، ودوقة مونمورنسي، ودوقة بوفليه (١)، والكونتيسة دفالنتنوا، والكونتيسة دبوفلييه، وغيرهم من نفس الرتبة … الذين تنازلوا بأن يحجوا إلى مون-لوي"(٤٤).
وكان منزل المرشال والمرشالة دلكسمبورج غير بعيد من كوخ روسو. وما لبثا عقب وصوله أن دعواه إلى العشاء فرفض الدعوة. ثم كرراها في صيف ١٧٥٨ فرفضها ثانية. ثم أتيا حوالي عيد القيامة في ١٧٥٩ ومعهما ستة من أصدقائهم النبلاء يتحدونه في معكفه. وراعه الأمر فقد اكتسبت المرشالة يوم كانت الدوقة دبوفليه سمعة بأنها فتنت عدداً هائلاً من الرجال. ولكنها خلفت خطاياها وراءها وغدت في نضجها امرأة فيها فتنة الأمومة لا مجرد فتنة الجنس؛ وسرعان ما أذابت تحفظه الخجول وهمزته ليشارك في حديث حي. وتسائل الزوار لم يعيش رجل أوتي هذه المواهب في هذا الضنك. ودعا المرشال روسو وتريز ليذهبا ويعيشا معه حتى يمكن إصلاح كوخهما؛ ولكن
(١) نستطيع في زحمة أفراد آل بوفليه الذين دخلوا التاريخ في القرن الثامن عشر أن نميز (١) دوقة بوفليه، التي أصبحت مرشالة لكسمبورج, (٢) مركيزة بوفليه، خليلة ستانسلاس لسكزنسكي. (٣) كونتيسة بوفليه، صديقة ديفد هيوم وهوارس ولبول.