للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جان-جاك ظل على مقاومته؛ وأخيراً اقتنع هو وتريز بأن يسكنا حيناً "القصر الريفي الصغير" الواقع في ضيعة لكسمبورج. فانتقلا إليه في مايو ١٧٥٦. وكان روسو أحياناً يزور لكسمبورج وزوجته في بيتهما الفخم، هناك كان يغرى بسهولة بأن يقرأ عليهما وعلى ضيوفهما بعض فصول الرواية التي كان يكملها. وبعد بضعة أسابيع عاد هو تريز إلى كوخهما ولكنه واصل زياراته لآل لكسمبورج، وظلا هما على وفائهما له طوال تقلبات مزاجه. وشكا جريم من أن روسو "هجر أصدقائه القدامى واستبدل بنا قوماً من أعلى الطبقات" (٤٥) ولكن جريم هو الذي نبذ روسو، وفي خطاب كتبه جان-جاك إلى مالزيرب في ٢٨ يناير ١٧٦٢ رد على من اتهموه بالتنديد بالنبلاء، وبالتودد إليهم:

"سيدي، إنني أكره كرهاً شديداً تلك الطبقات الاجتماعية التي تتسلط على غيرها … ولا يضايقني أن أعترف لك بهذا وأنت سلسل أسرة مشهورة بعراقتها … إنني أبغض العظماء، أبغض وضعهم، وقسوتها، وأهواءهم … ورذائلهم … بمثل هذا المزاج ذهبت كإنسان يجر جراً إلى قصر (آل لكسمبورج) الريفي في مونمورنس. ثم رأيت سادته؛ وقد أحبوني، وأحببتهم يا سيدي، وسأظل أحبهم ما حييت … وإني لأبذل لهم، لا أقول حياتي فتلك عطية هزيلة .. بل الفخر الوحيد الذي مس قلبي-وهو ذلك التشريف الذي أتوقعه من الخلف، والذي سيمنحنيه ما في ذلك شك، لأنه حقي، ولأن الخلف منصفون دائماً".

وكان يود أن يحتفظ بصديقة سابقة-هي مدام دودتو، ولكن سان-لاميير لامها على الشائعات التي ربطت فيها باريس اسمها باسم روسو، فأخبرت روسو بأن يكف عن الكتابة لها. وتذكر أنه أعترف لديدرو بحبه لها، فخلص الآن إلى أن ديدرو هو الذي ثرثر به في الصالونات و "عقدت النية على مقاطعته إلى الأبد" (٤٦).

ولكنه أختار أسوأ اللحظات والوسائل ففي٢٧ يوليو ١٧٥٨ كان هلفتيوس قد نشر في كتابه "في العقل" هجوماً عنيفاً على الكهنوت الكاثوليكي. وأفضت