الضجة المترتبة على هذا الهجوم إلى المطالبة المتصاعدة بخطر "الموسوعة"(التي كان قد صدر منها سبعة مجلدات) وكل الكتابات التي تنتقد الكنيسة أو الدولة. وكان المجلد السابع يتضمن مقال دالامبير المتهور عن جنيف، الذي امتدح فيه القساوسة الكلفنين على عقيدة التوحيد التي يتكتمونها وناشد السلطات الجنيفية أن تسمح بإقامة مسرح. وفي أكتوبر ١٧٥٨ نشر روسو "خطاباً إلى مسيو دالامبير عن المسرح" وكان على اعتدال لهجته إشهار حرب على عصر العقل، وعلى زندقة فرنسة منتصف القرن الثامن عشر وفساد خلقها، وقد بذل روسو في مقدمتها قصارى جهده في التبرؤ من ديدرو، دون أن يذكر اسمه صراحة:"كان من بين أصحابي أرستارخوس" رجل صارم، عادل ولكنه لم يعد صاحباً لي ولست أريد مزيداً من صحبته، على أنني لن عن الأسف عليه وأن قلبي ليفتقده أكثر من كتاباتي، وأضاف في هامش معتقداً أن ديدرو قد أفشى سره لسان-لامبير:
"إن كنت قد امتشقت حساماً على صديق فلا تيأس لأن هناك سبيلاً لرد الحسام إليه وإن كنت قد أشقيته بكلامك فلا تخف لأن في الإمكان مصالحته. أما الإهانة واللوم المؤذي وإفشاء السر وجرح قلبه بالخيانة فهذه كلها تسخطه عليك وهو تاركك إلى غير عودة (٤٧) ".
أما الخطاب الذي تبلغ صفحاته في الترجمة ١٣٥ فكان بعضه دفاعاً عن الدين كما يبشر به علانية في جنيف. كان روسو نفسه موحداً-أي رافضاً للاهوت المسيح كما سيدل على ذلك كتاب "إميل" بعد قليل، ولكنه حين تقدم طالباً المواطنة الجنيفية كان قد أقر بالعقيدة الكلفنية الكاملة، وفي هذا الخطاب دافع عن الدين القديم، وعن الإيمان بالوحي الإلهي، باعتبارهما أمرين لا غنى عنهما لأخلاق الشعب. "أن ما يمكن إثباته لأغلبية الناس بالعقل ليس إلا الحساب، إن ما يمكن إثباته لأغلبية الناس بالعقل ليس الحساب النفعي للمصلحة الشخصية" ومن ثم كان مجرد الدين الطبيعي" سيهبط بالأخلاق إلى مستوى لا يزيد على تجنب اكتشاف الذنوب.