ولا نزال نعرف من المصورين في عهد أسرة تانج أسماء مائتين وعشرين، أما أعمالهم فلا يكاد يبقى منها شيء، لأن ثوار التتار الذين نهبوا شانج - آن في عام ٧٥٦ م لم يكونوا يعنون بهذا الفن؛ وفي وسعنا أن نلمح الجو الفني الذي كان يمتزج بشعر ذلك الوقت في قصة هان يو "أمير الأدب" الذائع الصيت.
وخلاصة هذه القصة أن هذا الأمير كسب من زميل له يقيم معه في منزل رقعة صغيرة اشتملت في أصغر مساحة مستطاعة على ثلاث وعشرين ومائة صورة من صور الآدميين، وثلاث وثمانين من صور الجياد، وثلاثين من صور الحيوانات الأخرى، وصور لثلاث عربات، وإحدى وخمسين ومائتي صورة لأشياء أخرى، ويقول هو عنها:"لقد فكرت كثيراً في أمر هذه الصورة لأني لم اكن أصدق أنها من عمل رجل واحد، فقد جمعت عدداً من المزايا المختلفة الأنواع، ولم يكن في وسعي أن أتخلى عنها مهما عرض عليّ من المال ثمناً لها. وفي العام الثاني غادرت المدينة وسافرت إلى هو - يانج، وحدث أن كنت في أحد الأيام أتحدث عن الفن إلى بعض الغرباء، وأخرجت لهم الصورة ليروها؛ وكان من بينهم رجل يدعى جو، يشغل وظيفة رقيب (١) وكان ذا ثقافة عالية؛ فلما وقعت عينه على الصورة دهش أيما دهشة لرؤيتها ثم قال بعد تفكير طويل: "إن هذه الصورة من عمل يدي رسمتها في أيام شبابي، وهي منقولة عن صورة في معرض الفن الإمبراطوري، ولقد فقدتها منذ عشرين عاماً، وأنا مسافر في مقاطعة فوفين"، فما كان من هان يو إلا أن أهدى الصورة الصغيرة إلى جو.
ولقد نشأت في فن التصوير الصيني مدرستان مختلفتان إحداهما في الشمال والثانية في الجنوب، كما نشأت في الديانة الصينية مدرستان هي المدرسة الكنفوشية والمدرسة الدوِّية - البوذية، وكما نشأت في الفلسفة مدرستان إحداهما بزعامة جوشي والثانية بزعامة وانج يانج منج، تمثل الأولى ما يطلق عليه الغربيون العقلية
(١) انظر واجبات الرقيب في الفصل السادس من الباب الحادي والعشرين.